باقى من الوقت

هل نحن نستخدم 10% من دماغنا فقط؟

هل نحن نستخدم 10% من دماغنا فقط؟

تأبى هذه الفكرة الجذابة أن تزول من الوجود .. فكم سيكون جميلا لو استطعنا تسخير الـ 90% الباقية من دماغنا لنكون أكثر ذكاء وإبداعا؟ هذه الخرافة منتشرة بشدة حتى بين طلاب علم النفس والأشخاص المتعلمين، فإحدى الدراسات تفيد أن الثلث من أخصائيي علم النفس يؤمنون بأننا نستخدم 10 % من دماغنا، وحتى أن 6 % من علماء الأعصاب يتفقون مع هذا الادعاء.

في البداية ربما تتساءل: 10% من ماذا بالتحديد؟

- إن كان الناس يعتقدون أن النسبة تشير إلى مساحة المناطق المستخدمة؛ فمن السهل تفنيد هذه الفكرة. باستطاعة تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي إظهار المناطق الفعالة من الدماغ أثناء أداء نشاط معين،إن مجرد إحكام قبضة اليد أو إرخائها يفّعل أكثر بكثير منُ عشر الدماغ، وحتى حين تظن أنك لا تفعل شيئا؛ فدماغك يفعل الكثير.

- أو ربما تشير النسبة إلى عدد من خلايا الدماغ، لكن هذا ليس صحيحا كذلك، فخلايا الدماغ لا "تتسكع" دون عمل، إنها أكبر قيمة بكثير من ذلك، في الواقع يستنزف الدماغ جزءا ضخما من موارد الجسم، فهو يستهلك 20% من الأكسجين الذي نتنفسه لكي تبقى أنسجته حية.

وبالطبع فقد استغل المسوقون هذه الخرافة للعبث بآمال الناس بصيحة التنمية الذاتية، فلو كان ذلك صحيحا فلن يرفض أي منا أن يزيد من قدراته العقلية إذا كان بإمكانه، وبذلك واظب الإعلام على جعل هذه الخرافة حية، لدرجة أن إحدى شركات الطيران في عام 1999 استخدمت هذا الادعاء في إعلان تجاري لها: " يقال أنك تستخدم 10% من دماغك .. وعلى متن خطوطنا الجوية فأنت تستخدم المزيد" !!!

تم استغلال هذه الخرافة من قبل مروجي التنمية البشرية


لكن المجلس الوطني الأمريكي للبحوث أّكد أن هذه الخرافة شأنها شأن ادعاءات معجزات التطوير الذاتي الأخرى، فلا بديل للعمل الجاد لكي نمضي قدما في حياتنا. الحقيقة أن فقدان اقل بكثير من 90% الدماغ بسبب حادث او مرض سيؤدي دائما الى نتائج كارثية. يمكننا على سبيل المثال النظر إلى الجدل المستمر القائم حول حالة اللاوعي " لتيري شيافو " وهي امرأة صغيرة من فلوريدا في حالة
غيبوبة لمدة سنوات. كان الحرمان من الاوكسجين بعد سكتة قلبية أصابتها في عام 1990 قد أدى إلى تدمير 50 % من "المخ" وهو الجزء العلوي من الدماغ المسؤول عن الإدراك الواعي، وبالتالي فالمريضة فقدت قدرتها على التفكير والإدراك والذكريات والعواطف، وكل ذلك هو جوهر الحياة الإنسانية. ورغم ادعاء البعض أنهم شاهدوا إشارات تدل على الوعي لدى شيافو؛ إلا أن الخبراء لم يجدوا أي دليل على أن الوظائف العقلية العليا لديها كانت فعالة، وذلك يدحض فكرة أن 90% من الدماغ هي غير ضرورية. كما وجد الباحثون أن أي منطقة من الدماغُ تدمر عن طريق الجلطات او الإصابات في الراس ستترك لدى المريض حالة عجز في الوظائف. وبالإضافة إلى ذلك فقد فشل التحفيز الكهربي للدماغ أثناء الجراحات العصبية في كشف أي مناطق ساكنة منه، أي لا يوجد مناطق لا يتم فيها أي إدراك أو عواطف أو حركات بعد تطبيق هذا التيار الضعيف على الدماغ (يستطيع العلماء أن ينفذوا هذه التجربة والمريض واع مع تخدير موضعي).

كيف بدأت هذه الخرافة ؟ يقود واحد من الطرق لتتبع هذه الخرافة الى رائد علم النفس الأميريكي ويليام جيمس في أواخر القرن 19 حيث قال في إحدى كتاباته أنه يشك في أن الشخص العادي يحقق أكثر من 10% من قدراته الفكرية. الحقيقة هي أن جيمس تحّدث دائما عن الإمكانيات غير المطورة لكنه لم يربطها أبدا بمقدار محدد من الدماغ.

معلمو التفكير الايجابي بعد جيمس لم يكونو حذرين بقدره و 10% من القدرات تحولت الى 10 % من الدماغ. مما لا شك فيه أن أكبر مساعدةُ قدمت لمدربي التحفيز الذاتي كانت بفضل الصحفي لويل توماس عندما عزا ادعاء ال10 % لويليام جيمس، وشعبية هذه الخرافة جاءت من سوء الفهم لبعض ابحاث العلماء والباحثين الاوائل.

وأيضا مصدر آخر للارتباك هو سوء فهم وظيفة خلايا الدبق العصبي وهي خلايا تشكل 10 اضعاف عدد الخلايا العصبية، وعلى الرغم من أن الخلايا العصبية هي المسؤولة عن التفكير والأنشطة العقلية إلا أن خلايا الدبق تقوم بعملية الدعم الضروري للخلايا العصبية لتقوم بوظائفها.

البعض عزا هذه الاسطورة لألبرت اينشتاين الذي قال أنها سبب تألقه، ولكن بعد بحث موسع لأرشيف اينشتاين؛ ظهر أنه لم يسَجل بالنيابة عنه أي قول كهذا.

كيف نستطيع بالفعل ان نزيد من إنتاجية عقلنا؟

كيف نستطيع بالفعل ان نزيد من إنتاجية عقلنا؟


1- التمارين الرياضية وبخاصة الهوائية cardiovescular exersise تزيد تدفق الدم وبالتالي الاوكسجين للدماغ.
2- الحمية بتناول المواد مضادة الاكسدة ويعتبر السمك غذاء الدماغ الاول وبالطبع الخضار والفواكه.
3- الكلمات المتقاطعة والأحاجي والألغاز وتعلم لغات جديدة "مثل تمارين رياضية بالنسبة للعقل".

خرافة ال 10% حفزت الكثير من الناس للسعي لزيادة الإنتاجية والإبداع في حياتهم وهذا بالتأكيد شيء جيد، إن الراحة والتشجيع والأمل الذي وّلدته هذه الخرافة هو بالتأكيد السبب وراء بقائها. ولكن كما يقول كارل ساغان " اذا كان هناك شيء يبدو جيدا جدا ليكون صحيحا؛ فهو كذلك"

المصدر من هنا و هنا و هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا مسبقا على إبداء رأيك ونشره في التعليقات
وشكرا أيضا على مشاركتك الموضوع مع أصدقائك

التنويم بالإيحاء من أقوى التقنيات العلاجية في وقتنا الحاضر. تعلم معنا طرق وتقنيات إتقانه

عن المدون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :




مجلة التنويم بالعربي - العدد الثاني

«إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكم...

إشترك على صفحتنا

المواضيع الأكثر قراءة