باقى من الوقت

التنويم بالإيحائي وليس المغناطيسي

التنويم بالإيحائي وليس المغناطيسي

مقدمة 

التنويم طريقة تعمل للوصول إلى إحدى مراحل النوم الطبيعية التي تحدث لكل إنسان وهي حالة ألفا trans (التي تسبق النوم مباشرة) وتتميز بالسكون التام وهي الطريق الموصل إلى الإستغراق في النوم وفيها – كما يقول النفسانيون- يتبرمج العقل الباطن ويستقبل الرسائل الإيجابية التي يطلقها المعالج عن طريق الإيحاء بالكلمات المناسبة (وتسمى بالإقتراحات).


مراحل النوم: 

عندما يهم أحدنا بالنوم يمر المخ بأربع مراحل من حيث الذبذبات التي تنطلق من المخ وتقاس بعدد الدورات في الثانية (أشواط) في الثانية الواحدة.

          - مرحلة بيتا : دورات سريعة (الصحو) وهي عندما يكون الإنسان واعياً وعياً تاماً.
          - مرحلة ألفا : دورات أبطأ من الأولى، وهي المرحلة التي تسبق النوم مباشرة وتسمى النشوة.
          - مرحلة ثيتا : أبطأ من الثانية، وهي الدخول في النوم (غير العميق).
          - مرحلة دلتا : وهي أبطأ الجميع، وهي مرحلة الاستغراق في النوم والأحلام.


وفي هذه المرحلة الساكنة (ألفا) ثبت أن العقل الباطن يستجيب مع الإقتراحات التي تملى عليه من قبل المعالج أو المنوٍّم وهذه الإيحاءات مثل ما نقوله لأنفسنا أو أولادنا من رسائل سواء كانت إيجابية أم سلبية، فلو قلت لإبنك مثلاً أنت ممتاز وقد أعجبتني في عملك وأخذت تشجعه وترفع معنوياته .... أنت بذلك توحي (رسالة) له بأنه على قدر المسؤولية،... وينطبق - أيضًا - في حالة الفشل والإحباط... وهذه الإقتراحات المستمرة في حياتنا لا تقف، ابتداءً من حديث النفس، وحديث الناس وحديث الإعلام والدعايات.... وعندما نرى في التلفاز منظراً خلاَّباً وعبارة جميلة كـ(هذا وغيره الكثير يوجد في ربوع تركيا) هذه رسالة للمشاهد أن تركيا جميلة، ولابد من زيارتها.. إذاً هي دعوة إلى السفر والترحال.

مراحل النوم

هذا العلم قد ضرب بأطنابه في أصقاع المعمورة، واستعمل في العلاج لكثير من الحالات المرضية النفسية والعضوية، بل واستخدم في الطب بشكل واسع وله أفرع في كثير من جامعات العالم يسمى التنويم العلاجي، أو العلاج بالتنويم الإيحائي، واستخدمه بعض أطباء الأسنان بدلاً عن التخدير في علاج الأسنان مثلاً، وفي التحكم بالألم وفي التوقف عن التدخين والمخدرات، والبعد عن بعض السلوكيات السيئة.


العقل الباطن 

يقسم العلماء العقل إلى قسمين : واع مدرك وهو ما ندركه بالحواس الخمس، وعقل باطن أو غير واع وهو ما لا يظهر لنا كعمل القلب والرئة والتنفس وعمليات الخيال والإبداع.... - وسبحان الله - ما لهذا العقل من قوة خيالية مبدعة، فقط قد يعمل المعالج على قوة واحدة: قوة الخيال، الذي هو من أسس علم التنويم أو البرمجة اللغوية العصبية، وقد جمع بعض علماء الغرب قوانين خاصة بالعقل الباطن، من أبرزهم الكاتب الأمريكي: برايان تريسي.. وغيره.


بعض الأغاليط حول التنويم بالإيحاء

- تسميته (بالتنويم المغناطيسي)، ليس لها أصل بل هي من نتاج الأفلام والخدع الكاذبة التي كانت تروج في تلك الأزمان يوم أن كان التنويم غامضاً.
- (أن المنوَّم (بفتح الواو) يقع تحت سيطرة من يعالجه ولا يملك من أمره شيئاً وأن المعالج (الأخصائي) يكشف أسرار المريض (وفضائحه)، والعكس صحيح فلا يمكن للمريض وهو في حال التنويم أن يبوح بسر لا يريد البوح به، أو أن ينطق بكلمة دون علمه.. بل إن من يخضع للتنويم له كامل حريته في كلامه وأفعاله وتصرفاته، ولا يمكن أن ينطق بكلمة أو فعل يخالف عقيدته أو مبادئه.
- (أن التنويم من عمل الشياطين أو مساعدتهم) والحق أنه ظاهرة طبيعية، الغرض منها تطوير قدرات الشخص والتحكم بسلوكه نحو الأفضل.
- (ربما يستغل هذا العلم ضعاف النفوس أو أصحاب النوايا الخبيثة)، وهذا لا يخص هذا العلم وحده بل العلوم الأخرى مليئة بمثل هذا، فالتخدير ألا يمكن أن يستغل في الفساد؟؟
- استعجل بعض المشايخ الفضلاء بالإفتاء بتحريم التنويم، لأنهم لم يتعرفوا عليه.


تطبيقات حية: 

بعض المختصين في هذا المجال- وكاتب هذه السطور منهم- قد مروا بتجارب ناجحة ومشجعة، باستخدام تقنية التنويم والبرمجة اللغوية العصبية، وهي تقنيات تعرف في بعض الأوساط (بتقنية إدارة العقل) أو الهندسة النفسية، وإليكم بعض الأمثلة التي عايشتها :

العقل الباطن

- الشاب(عمر.ب)، يدرس في الصف الثاني/الشرعي، كان لديه حالة من عدم التوازن، والاضطرابات النفسية التي تنتابه كل فترة، وحالات من الغضب المفاجئ، وبعد جلسات البرمجة تغيرت حاله.
- الأستاذ (فهد.أ) يقول عن نفسه : أنا لا أخاف من أي شيء .. ولكن سافرت من حائل إلى الرياض عبر الطائرة، فوافقت أنها كانت في مطبات هوائية شديدة أيقن الجميع أنها النهاية، حتى أن الأكل في الطائرة وأدوات الملاحين سقطت، فانتابني خوف شديد من هذه الطائرة، وما وصلنا إلى الرياض إلا وأنا في منتهى الخوف من ركوب الطائرة، فصرت كلما ركبت الطائرة وأغلقت الأبواب بدأت أرتجف ويقول أخوه : كان لا يحب الطائرات ودائما ً يؤذينا في السفر إلى مكة أو الدمام، ويصر على السفر بالسيارة، وبعدما عمل له بعض التقنيات في الخيال والبرمجة قال إنني ذاهب إلى مصر وشرم الشيخ أي أربع رحلات، وسأكتشف حقيقة هذه البرمجة، وبعد ذلك سافر مراراً بالطائرة وذهب عنه ذلك الخوف .


مع أنني أقول – كما يقول النفسانيون والأطباء عموماً- لابد من المواصلة في العلاج وتوصيات المعالج وإلا انتكس المريض إلى حالة أسوأ من ذي قبل. ولدي العشرات من القصص في تشافي المرضى من أمراض وعوارض كانت تؤرقهم سنوات فبعضهم كان يعاني من القلق، الوسواس، الاكتئاب، الخوف (الفوبيا) .. وزال عنه ما كان يجد أو خفّت حدة المرض.


وقبل أن أودعك أخي القارئ أبوح لك بسر من أسرار التراث الإسلامي، وهو لابن القيم طبيب القلوب والأبدان، في كتابه الجامع : زاد المعاد فهلا قرأته وتمعنت فيه؟ يتحدث العلامة ابن القيم عن أمور لابد أن توجد عند الطبيب وهي عشرون التاسع عشر منها:

أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والإلهية، والعلاج بالتخييل، فإن لحذاق الأطباء في التخييل أموراً عجيبة لا يصل إليها الدواء، فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين. زاد المعاد – الجزء الرابع (الطب النبوي) – فصل : والطبيب الحاذق هو الذي يراعي ... ص 130 طبعة دار الرسالة - الجديدة – مع الفهارس.


والتخييل من صميم عمل الممارس بالتنويم والبرمجة اللغوية العصبية، وهناك كثير من الشواهد من القرآن والسنة في هذا المجال لعلها تبسط في حينها.


وأخيراً قد يعترض بعض المختصين في علم النفس ذوي التوجه الشرعي ويقولون: الحديث عن العقل الباطن يذكر بفرويد ومدرسته في التحليل النفسي، فأقول: قد أفاد فرويد في بعض الجوانب، وأخطأ في بعضها فماذا يضير المسلم أن يأخذ الحق ممن جاء به؟ والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.


بقلم: عبدالسلام بن محمد الحمدان

ما هو التنويم الإيحائي الحواري؟ وكيف يتم تطبيقه خلال المحادثات اليومية؟

ما هو التنويم الإيحائي الحواري؟

التنويم المغناطيسي المعروف أيضاً بالتنويم الإيحائي، هو حالة ذهنية يكون الذهن فيها جاهزاً لقبول الإقتراحات والإيحاءات. عكس ما يظن البعض، فإن هذه الحالة الذهنية طبيعية جداً ويختبرها الإنسان بشكل يومي و تلقائي. أفضل مثال على ذلك هو عندما يغرق الذهن بأفكار أو تخيلات معينة، فيضع كل الأشخاص والأشياء من حوله خارج نقطة التركيز.


ويستعمل التنويم الإيحائي في العلاجات النفسية وكوسيلة فعالة لتطوير الذات، لكنه أيضاً يستعمل للتخاطب مع العقل الباطني للإنسان بهدف تقديم إقتراحات خلال المحادثات اليومية، من دون أن يلاحظ الشخص الآخر شيئاً. وتعرف هذه التقنية بال Covert Hypnosis أو ال Conversational Hypnosis.

وتساعد هذه التقنية على تربية الأطفال وحل المشاكل كما يستعملها الكثيرون للتقدم في العمل والحياة. إليكم 3 طرق تساعد على التنويم الإيحائي الحواري:


1- مقاطعة النمط: 

 تعود الإنسان على عدد من الأنماط اليومية كالمصافحة باليد. عندما نرى أحد المعارف أو الأصدقاء نتوقع مصافحتهم بطريقة معينة، لكن عند مقاطعة هذا النمط من خلال المصافحة بطريقة مختلفة نشتت انتباه العقل الواعي. عندها يكون أمامنا 5 ثوان فقط لتقديم إيحاء معين.


2- الكلمات المنومة: 

 يتأثر عقلنا بشكل كبير بكل ما نتخيل. لذلك نخاف عند مشاهدتنا أفلام الرعب مع أننا نعرف أنه لا يوجد خطر حقيقي. عندما نستعمل كلمات مثل "تخيل" نكون قد أثرنا مباشرة على العقل الباطني من خلال إزاحة العقل الواعي. في هذه الحالة يمكنكم برمجة معتقدات جديدة في العقل الباطني للشخص.


3- التعابير المبهمة: 

 الجمل المبهمة تترك العقل الواعي حائراً، يحلل خلفبتها. هذا "الإلهاء" يسمح لكم بالتخاطب مع العقل الباطني للشخص من دون حواجز.

تأثير التصورات الذهنية في إنتاج السلوكيات المختلفة

تأثير التصورات الذهنية في إنتاج السلوكيات المختلفة

الحقيقة أن وراء سلوكياتنا المختلفة وردود أفعالنا، عاملٌ أساسي حاسم ألا وهو، الحالة العصب -فسيولوجية التي نكون عليها في تلك اللحظة التي نقوم فيها بفعل او رد فعل، كائنا ما كان نوع وحجم هذا الفعل أو ذاك الرد فعل.


ما هي الحالة العصب -فسيولوجية ؟

هي محصلة أوضاعنا السيكولوجية، الشعورية، الذهنية والجسدية أيضا، بمعنى كيف هي حالتنا النفسية في هذه اللحظة، ما هي المشاعر التي تتدفق في الداخل، ما هي الأفكار التي نفكرها في هذه اللحظة، كيف هو وضعنا الجسدي، هل نحن أصحاء، مرضى ...الخ.


هذه المحصلة المركبة المعقدة للغاية، كيف تتشكل في الأساس ؟ وما هي المحاور الرئيسية التي تشكل مادتها الاصلية ؟
إنها ببساطة منظومة التصورات الذهنية، ما نحمل من تصورات في هذه اللحظة أو تلك عن أنفسنا وعن العالم والآخرين وحركة الحياة.


حسنا ...لننسى إذن حالتنا العصبية - الفسيولوجية العامة في هذه اللحظة أو تلك ولنركز الإنتباه على التصورات، لأنها هي العامل الأساس الحاسم في خلق حالتنا هذه.
طبعا لا أريد أن أبسط الأمر بحيث أقصره على التصورات حسب، لكن أقول حسب أن التصورات هي العامل الأول، أما الثاني فهو العامل الفسيولوجي ذاته، ولو تسنى لي أن أسيطر على العامل الفسيولوجي لحصلت على ذات النتيجة، أي لأمكن لي أن أنتج حالة عصب -فسيولوجية إيجابية. لكن مبحثنا هنا هو عن التصورات، أي الجانب العقلي او العصبي من ثنائية الأعصاب والفسيولوجيا.

ما هو التصور

ما هو التصور ؟

عملية التصور عزيزي القاريء هي عملية ذهنية تتحقق في الدماغ باستمرار وينتج عنها هذه الصور التي يحفل بها الذهن دوما وتكون إما بشكل صورة الفبائية ( كلمات ) أوفيدوية ( صور متحركة أو ساكنة ) أو حتى روائح أو نكهات أو أحاسيس ملموسة ذات وزن وكثافة ذهنية متخيلة.


وتلك الصور تنتج مشاعر وأحاسيس إيجابية أو سلبية، وتلك المشاعر والأحاسيس تؤدي بدورها إلى سلوك معين، يتناسب غالبا مع نوع تلك المشاعر والأحاسيس التي هي بدورها مماثلة غالبا للصور المنتجة.
طيب من أين تأتي هذه الصور ؟ ولماذا تكون بهذا الشكل أو ذاك، بمعنى سلبية أو إيجابية ؟
الصور في الحقيقة إنطباعات حسية منعكسة من أدوات الحس المختلفة، السمع - البصر - اللمس - الشم - التذوق - أو صور حدسية ( من الحاسة السادسة ).


في الغالب تلعب الحواس الأولى والثانية والثالثة الدور الأكبر في إعادة إنتاج الصورة الذهنية، لأن لديها القدرة الأكبر على أن تستقر في الذهن بعمق ثم تعود لتنعكس مجددا ( ولو بعد حين ) بشكل صورة ذهنية متجددة مؤلمة أو مفرحة.
مشهدٌ ما نعيشه أو نراه أو نسمعه أو نلمسه، ينعكس على الدماغ بهذه الدرجة أو تلك من القوة، ليعود فيخلق صورة متكررة من ذات المشاعر التي عشناها لحظة حدوث الحدث، مفرحة كانت أو محزنة، بالنتيجة وكما في المرة الأولى إذ قمنا برد فعل شعوري داخلي ( إستياء أو حزن أو فرح ) ومن ثم رد فعل سلوكي من قبيل ( إمساك يد المقابل أو الطبطبة على كتفه أو إحتضانه تعبيرا عن شعور الرضا والسعادة، أو العكس أن نمد اليد إلى حجر لضرب المقابل أو أن نلكمه أو على الأقل نغادر المكان الذي عشنا فيه تجربة الأساءة )، كذلك تصيبنا غالبا ذات المشاعر كلما تكررت الصور الإنطباعية الذهنية التي إختزنت في الدماغ، وغالبا نقوم بذات رد الفعل ( هذا إذا كان من أساء لنا أو أسعدنا موجود في المكان في لحظة تكرر الصورة الإنطباعية ).


حسنا ...هل إن هذا قدرٌ لا مفر منه ؟ أليس هناك من سبيل لعقلنة المشاعر أو السيطرة على الصور ؟
بالتأكيد ليس هذا قدرٌ لا مفر منه، وقطعا هناك سبيل لعقلنة المشاعر وضبط تدفق الصور والسيطرة عليها وبالتالي السيطرة على السلوك المنتج، ولولا تلك القدرة أو مجمل القدرات لوجدت الناس حتى يومنا هذا وفي كل مكان من هذا العالم لا يفعلون شيئا إلا أن يقتلوا بعضهم البعض في متواليات الثأر الذي لا ينتهي ...!


كيف نسيطر على تدفق الصور وبالتالي المشاعر الملازمة لها ؟

مما نعرفه نحن جميعا أن لدى أدمغتنا قدرة عجيبة على تخزين الصور الحسية، لكن بذات الآن فإنها لا تخزن كل شيء وإلا لأصبنا بالجنون لفرط ما نختزن في أدمغتنا من صور. يقوم الدماغ بعملية ترشيح للصور بحيث يختزنها على قدر إهتمامنا نحن ذواتنا بها، فما لا نمنحه الإهتمام في لحظته أو ما لا نكون منتبهين له بالكامل، لا يقوم الدماغ بتخزينه أو أن لا يمنحه مكانا لائقا مناسبا، بل غالبا ما يدسه في زوايا معتمة وعميقة من طبقاته، بحيث قد يظهر مجددا إلى السطح في زمن بعيد قادم.

كيف نسيطر على تدفق الصور

العامل الحاسم في تخزين الصورة هو أهميتها بالنسبة لنا، وهذه الأهمية يمنحها إياها الوعي أو الإنتباه، وهذا الإنتباه يتجلى بحجم الكثافة الحسية التي نوليها نحن للصورة وكم الحواس ورهافتها لحظة تسجيل الصورة، فمثلا لو إنك شاهدت على سبيل المثال منظرا جميلا أو وجها حسنا، وأشتركت في لحظة المشاهدة عدة حواس كالبصر والشم والسمع وربما اللمس، هنا ترسخت الصورة في ذهنك بقوة ولدرجة لا يمكن أن تنسى أو تضمحل بعد عام أو أثنين أو عشرة، لكن كلما قل عدد الحواس المشتركة في تسجيل الإنطباع، قل بالتأكيد وضوح الصورة في الذهن، وبالتالي فإن من اليسير إقصائها وبشكل أوتوماتيكي، لأن الشعور المنتج لحظة رؤية المشهد يعتمد على كثافة الحواس المشتركة في تحسسه وتسجيله.


طيب ...ما علاقة هذا بضبط الصور ومنع تدفقها أو تقليل فترات تواردها أو تحطيم بنيتها الشعورية المرافقة ؟ ببساطة ...بإعتماد ذات الآلية التي ترسخت فيها الصور، يمكن أن ننزع الصور من الذهن أو نضبط إيقاعها ...!

كيف ...؟ حسنا ...أنت تعاني مثلا منذ شهر أو شهرين أو عام ربما من شعور بالمرارة لخسارة خسرتها، ولتكن صفقة تجارية أو شهادة دراسية لم تنجح في نيلها أو ربما حبيب تخلى عنك وتوجه صوب آخر لديه حسب ظنه ( أو وهمه ) ما ليس لديك ...! معاناتك هذه قاسية، تتمثل في توارد ذات الصور لعشرات المشاهد السلبية التي تعكس بالألوان وبالكلمات وأقوال الآخرين و.....و....الخ، تعكس حجم هزيمتك أو خسارتك.

تلجأ إلى الخمر أو السجائر أو تندلق في حب هذا أو ذاك أو ربما تمارس أنشطة هروبية عديدة أخرى لنسيان الهزيمة وتخفيف المرارة، ولكنك لا تستطيع لأن الصور لا تكف عن الورود إلى ذهنك في تدفق مستمر.


ما العمل ...؟ العمل عزيزي القاريء هو أن لا تهرب من الصورة، بل تقبلها ....تقبل تدفق الصور، ثم إعمد إلى التلاعب بها، لا تبالي بمادتها ( أي محتوى الصورة ) بل إهتم بتركيبة الصورة، شكل الصورة العامة، حجم الإضاءة وقوى الصوت وملمس جسم الصورة وأطارها.

هنا تستطيع أن تنسف الصورة من الأساس، دون أن تلمس بارودها الداخلي. الصورة الذهنية عزيزي القاريء، وخصوصا السلبية منها، هي تماما مثل كيس القمامة ...! هل من المجدي أن نفتح الكيس ونمد أيدينا لنتلمس هذا الموجود فيه ..؟ قطعا لا، وإلا ما الجدوى من تلويث أصابعنا بالعظام وبقايا الطعام، بل وربما أشياء أخرى أكثر قذارة من كل هذا ؟

حسنا ...قلنا ...تقبل الصورة كما هي مبدئيا، بكل ضجيج الأصوات في المشهد، وبكل وهج الألوان وحرارة أجساد أبطال الصورة ونكهات الأطعمة والروائح في هذا المشهد أو ذاك ( ربما نكهة العطر الذي كانت تستعمله الحبيبة الخائنة أو ألوان ثوبها ...الخ ). ثم قم بالتلاعب كما أسلفنا بالمشهد الحسي الذهني الذي أمامك ؟


كيف ..؟؟؟؟

أولاً : قم بتصغير الصورة الذهنية تدريجيا وبشكل عمدي ( بقوة الإرادة )، وكلما وردت مجددا قم بتصغيرها تدريجيا لغاية ما تراها وهي تختفي في أفق الذهن.

ثانيا : قم بإكساءها بأثواب شاحبة اللون، مثلا صورة الحبيبة الخائنة وهي ترتدي ثوب أحمر على سبيل المثال، قم بإكسائها ذهنيا ثوبا أسود أو رمادي، مشهد الغرفة مثلا أو قاعة الدرس التي فشلت في نيل شهادتك منها، قم بإكساء جدرانها باللون الأسود، ثم قم بتصغيرها حتى تغدو وكأنها بحجم علبة الكبريت.

ثالثا : أطفيء الإنارة في الصورة ...لا تترك لها أي إنارة، عتمها بالكامل وبشكل متعمد، بحيث كلما وردت الصورة مجددا، وجدتك تلقائيا تصغرها وتزيح منها الألوان ثم تعتمها تماما، مجمل هذا يؤدي إلى أن المشاعر المرافقة للصورة تبدأ بالإنكماش وتتحول إلى مشاعر محايدة، وبهذا تدنو من ضفاف النسيان والشفاء من المرارة والحزن والشعور بالخسارة.

رابعا : إفعل ذات الشيء مع الأصوات التي ترد في الصورة الذهنية، لنفترض مثلا أن كلمات شخص ما في المشهد تأتيك غاضبة قاسية جدا بنبرة حادة، فتفعل فعلها في مشاعرك إذ يفيض فيك الشعور بالغضب والرغبة بالثأر وأنت تسترجع كلمات هذا الآخر، طيب ماذا لو أنك كتمت الصوت تماما كما تفعل مع جهاز التسجيل أو التلفاز لديك، تخيل أنك تستطيع أن توقف الصوت، بينما أنت ترى الصورة وتسمع صوت الآخر، أنظر لنفسك وأنت تنهض من مقعدك في صالة العرض لتوقف الصوت ثم تعود وتجلس، تصور هذا، أؤمن به، قل لنفسك هذه مجرد صور لا سلطة لها علي ولا وجود لها على الأرض الآن، أنا حر في أن ألعب بها كما أشاء، لماذا أسمح لها أن تسيطر علي، دع المشهد يجري بحرية، لا بأس لا تمنعه من التدفق، إنما إلعب به بأن تخفض الصوت أو توقفه بالكامل، أنظر للآخر وهو يشتمك مثلا وفمه يتدفق بالكلمات ولكن بلا صوت، إستمتع بهذا المنظر، إستمتع بعدوك مثلا وهو يصرخ ولا صوت يخرج من فمه.

أو إلعب بصوت الآخر بشكل ساخر، مثلا أن تعطيه صوت أنثوي إن كان ذكرا أو صوت ذكوري إن كان أنثى، ودعه يصرخ بهذا الصوت الجديد الأنثوي أو الذكري، أو قم بتغيير نغمة الصوت أو إيقاعه كأن تجعله مثلا يشتمك بذات الكلمات إنما برقة ومع إبتسامة لا تناسب حرارة الموقف، وأترك لنفسك فرصة السخرية من هذه الشتائم التي تتدفق بصوت رقيق وموسيقي، جميع هذا سيفعل فعله في مشاعرك إذ سيطفئ نار الغضب أو الشعور بالمرارة.

ذات الأمر مع بقية الحواس عزيزي القاريء، حاسة الشم أو اللمس أو غيرها. طبعا هناك ما لا يعد من الإجراءات والحيل الذكية التي بمقدورنا أن نفعلها مع حواسنا ومشاعرنا الحسية، مما يضعف من تأثيرها أو يقضي عليها بالكامل وفي فترة لا تتجاوز الثواني، بدلا من أن نظل نعاني لأيام أو أشهر او سنين ربما.

مثلا ...يمكنك أن تسخر من الصورة التي تظهر أمامك، فمثلا تضع لعدوك أو منافسك قرون على رأسه وتتركه يشتم ويشتم ويلعن وهو غير منتبه إلى تلك القرون التي وضعتها على رأسه، أو بأمكانك مثلا أن تتخيل تلك الحبيبة التي خذلتك وهي تمشي مع حبيبها الجديد دون أن تكون منتبهه إلى هذا الذيل الخارج من مؤخرتها، إستمتع بالمشهد لوحدك وتلاعب فيه كما تشاء وبتنويعات عديدة جدا، حتى تنطفيء بالكامل مشاعر الخوف أو الغيرة أو الكراهية أو المرارة.


حذار عزيزي القاريء من مشاعر الإنتقام لأنها مؤذية لك أنت ذاتك، لذلك نصحت في هذا الباب بإعتماد السخرية مثلا لأنها أهون من الكراهية الحقيقية الجادة لأن تلك ستنعكس عليك أنت ذاتك وستفسد حياتك القادمة. حسنا ...قلنا ...تصغير الصورة، إطفاء الإنارة، إيقاف الصوت، تحويل المشهد إلى الأبيض والأسود وأخيرا السخرية من الصورة، بحيث يتحول المشهد من تراجيدي أو درامي إلى كوميدي، جميع هذا هو أدواتك أنت أيها المخرج المبدع لشريطه السينمائي الشخصي.

طيب ماذا بشأن المشهد الإيجابي الذي نريد له أن يعيش زمنا أطول ؟

طيب ماذا بشأن المشهد الإيجابي الذي نريد له أن يعيش زمنا أطول ؟

لا أشك في أنك عزيزي القاريء تعرف الجواب ولا أظنني ملزم بالتكرار الملل، ستفعل العكس ...أليس كذلك ..؟
نعم ستفعل العكس، ستعيد إنتاج المشهد الحسي وإغناءه بإشراك الحواس المتخيلة، بمعنى أن تتخيل تفاصيل جديدة للمشهد لم تكن موجودة فيه ذاته، ستشرك حواسك بقوة الخيال في عملية تحسس المشهد، لا بأس بأن تذهب إلى المكان الذي حصل فيه المشهد ذاته لتعيد إنتاجه واقعيا في الأستديو ذاته الذي حصل فيه، لا بأس أيضا في أن تمنحه إنارة أكبر في خيالك، تمنحه ألوان أكثر بهجة، ترفع من درجة الصوت أو تغير النبرة التي ورد فيها الصوت ذاته، بشكل عام تعيد إنتاج الفيلم الحقيقي أو الحدث الحقيقي بنسخة جديدة أكثر جمالا من الحقيقية ذاتها، بالنتيجة ستزداد قوة لمعان وكثافة حضور المشهد في خيالك فينعكس بالتالي على مشاعرك ذاتها، إذ سينتج مشاعر إيجابية بناءة تهبك السعادة والقوة والثقة والحب لذاتك وللحياة عامة، وبالنتيجة سيظهر منك عزيزي القاريء سلوكا إيجابيا يحقق لك النجاح والتفوق والسعادة والتقدم الحقيقي.


بذات الآن فإن التغيير الذي يصيب الجانب العصبي فينا، يلعب دورا كبيرا في تغيير الجانب الفسيولوجي، فتكتمل بالتالي العافية العصب - فسيولوجية، أو العكس أي تتدهور حسب نمط التغيير العصبي، فمثلا إذا نجحنا في السيطرة على التصورات السلبية وقمنا بعملية القلب ( قلب الصورة إلى صورة ساخرة مثلا ) أو تخفيض درجة ترددها، إنعكس هذا بدوره على فسيولوجيا الجسم فتحسنت صحتنا وزاد نشاطنا وتحسن تدفق الهرمونات الإيجابية وأنتظمت دقات القلب وبالنتيجة أمكن لنا أن ننتج سلوكا متزنا إيجابيا خلاقا.

والعكس صحيح ....!
ذات الأمر يمكن أن نفعله عزيزي القاريء مع الفسيولوجيا، إذ لو أمكن لنا أن نضبط إيقاع الجسم أمكن لنا أن نغير التصورات وهذا موضوع آخر يمكن أن أتركه لمقال آخر، إنما يكفينا الآن أننا أستعرضنا الجانب العصبي وكيف يمكن أن نتحكم بالعقل ونتلاعب بالصور .


حسنا ....هل تظن عزيزي القاريء أن هذا الذي أقترحته صعب المنال ؟
في الواقع ...يمكن أن يكون صعبا في البداية، وبالذات لحظة الحدث أو في ساعته الأولى من قبيل حدوث فاجعة أو خيبة فجائية كبيرة غير متوقعة، هذا صحيح ولا بأس في ذلك، لكن بعد ساعة مثلا من حدوث الحدث، ماذا لو بادرنا إلى تلك التقنيات الذكية ...؟
ما نحتاجه عزيزي القاريء هو أولا وثانيا وثالثا أن نؤمن بأن هذا الذي نقوله هنا صحيح، بل صحيح جدا، أؤمن بهذا، أؤمن بأن السلوك هو نتاج المنظومة الفسيو-عصبية في هذه اللحظة أو تلك، أؤمن أنك تعيس أو سعيد لأن لديك صور مأساوية أو مفرحة تدور بإلحاح في ذهنك، أؤمن بإنك إن سيطرت على تلك الصور أمكن لك أن تنال الحالة النفسية التي ترغبها وبالتالي أمكن لك أن تسلك السلوك الإيجابي الذي يمكن أن يوصلك إلى شيء ما.


أتعرف عزيزي القاريء لماذا يستطيع فقراء الهنود أن يمشون على النار أو يدخلون السيخ المحمي في أفواههم ...؟
إنهم يمارسون هذا الشيء الذي نقوله هنا، إنهم يمتلكون تصورات لا نملكها نحن عن النار أو الألم أو الحرارة، وهذه التصورات الغريبة هي التي تؤثر في فسيولوجيا الجسم فلا ينفعل للنار أو الألم.

طبعا لا نأمل أن نقفز إلى هذا المستوى في مثل هذه العجالة، ولكن يكفينا ما يفيدنا الآن وهو أن نغير كثافة الصور اليومية البشعة لكي ما يتسنى لنا أن نسلك سلوكا يمكن أن يصل بنا إلى مستوى من العيش يتجاوز حدود قفص كلب بافلوف أو فئران المختبرات.


بقلم: كامل السعدون

كيف نحقق الشخصية التي نحلم بها ؟

كيف نحقق الشخصية التي نحلم بها ؟

ما هي الشخصية ؟

كما يقول حكماء الصين، ينبغي في البدء أن تعرف الأشياء وتسمى الأسماء ليصح الإستنتاج ويصلح البناء ...!

الشخصية عزيزي القاريء النابه هي منظومة القيم والتصورات التي نحملها في أذهاننا ونعيد إجترار ذات السلوكيات والأفعال على ضوئها، فترى فينا المتردد، المضطرب، السلبي المتشائم، وترى ذاك الإيجابي الواثق المنسجم، وغالباً ما ترى الإثنين معاً في ذات الواحد منا، وطبعاً من الصعب وضع خريطة سلوك للفرد إلا أنه من غير الصعب تقصي أسباب هذا السلوك أو ذاك، فكل شيء مصدره السنوات الست الأولى من الطفولة، وكل شيء هو بعض ميراثٍ هنا وبعض مكتسبٍ من الأهل في الطفولة.


سمات الشخصية هي في واقع الحال أدواتنا لخلق هذا الإنسان الذي نتوق إليه، إنها تحمل برنامج تطورنا القادم ونمط العيش الذي سنعيشه، إنها رصيدنا الحقيقي الذي لا نملك رصيداً غيره مهما إدعينا أو توهمنا أننا نملك مالاً أو مركزاً أو نسباً أو ما شابه.

أن أكون مثلاً كاذباً أو متردداًَ أو مضطرب السلوك فأنا أحمل إذن بذرة خرابي القادم أما إن كنت أميناً على مبادئي شجاعاً في ضبط إيقاع عقلي والهيمنة على تفاصيل حياتي، أعرف ما أريد وأدفع الأمور بالحكمة والتخطيط الحسن فإن من المتوقع طال الزمن أم قصر، أن أصل إلا حياةٍ ليست آمنة حسب كأمن حياة الفئران في الجحور، بل ومتطورة وراقية وفاعلة ومبهجة للآخرين كما ولي ....!!


قد يعترضٌ سائلٌ قائلاً وكيف لي بتغيير شخصيتي وأنت قدمت بالقول أن الشخصية تتكون في السنوات الست الأولى، وما ترسخ في الصغر إستحال تغييره في الكبر ...!

لا ... ليس صحيحاً أبداً، على الأقل في هذا الزمن البهي الذي أرتقى فيه علم النفس وفي بحر خمسون عاماً حسب، بما لم يرتقيه طوال خمسة ألاف عام هي كل عمر حضارتنا الإنسانية .

وإلا فأستمع إلا أعظم عبقرية في التاريخ أعني العظيم ليوناردوا دافنشي وهو يقول ( لقد سرت ما يفوق الأربعون عاماً من عمري في طريقٍ لم يكن طريقي )، تخيل دافينشي ذاته كان يسير في الطريق الخطأ ما يفوق نصف عمره ومع ذلك أغنانا بكل هذه الكشوف الجبارة في النصف الثاني من عمره حسب.

لقد نجح في تغيير حياته قبل أن يأتي آدلر ويونغ وفرويد والمدرسة الجشتالية الألمانية وقبل أن ترتقي أدوات البحث العلمية إلى هذا الرقي الذي بلغته في الثلاثون عاماً الأخيرة حسب ....؟ كيف بنا نحن ونحن نملك ما لم يكن بمقدور دافينشي أن يملكه ؟


كيف تُستنبت مفردات الشخصية في العقل ؟

بل هي تُستنبت في المخ لا في العقل، والمخ كيان مادي، تماماً مثل القرص الصلب في الحاسوب الآلي، عدا عن أنه كيان حي وقابل للأستجابة الدائمة والآعادة الدائمة للبرمجة من قبل العقل الذي يستوطن المخ كما تستوطن الروح الجسد القابلية العجيبة المبهرة للمخ هي قدرته على تخزين التجارب والخبرات الحياتية بكامل حيويتها ومهما صغُرت، بحيث لو أن كلباً أجلك الله نبح، لسجل المخ في الحال صوت النباح.

إنه قرصٌ صلبٌ جبارٌ لا نظير له أبداً ولا يمكن الإتيان بمثله. في الطفولة الباكرة سُجلت أبرز المعلومات المستقاة من الحواس في المخ، فصارت لاحقاً مع ما ورثناه من المورثات الجينية من أبوينا، صارت جميعاً البرنامج التشغيلي الأساسي كما برنامج ال Windows 
للحاسوب الآلي.

هذا البرنامج هو ما نسميه الشخصية، وهو ما ينبغي أن نعيد سيطرتنا المفقودة عليه لنفلت من كف القدر وخيارات الآخرين وتعود لنا حريتنا الأنسانية المشروعة في التصرف بحياتنا كما نشاء لا كما تشاء الكروموسومات ( المورثات الجينية ) أو كما يشاء آبائنا أو أشياخنا ومعلمينا الذين هذبونا على أزمانهم لا أزماننا ( رغم الكثير من الخير في ما ربينا عليه ).


كيف نغير الفاسد الهزيل في ما ربينا عليه ؟

الحقيقة أن الجهاز العصبي الإنساني جهاز مرن إلى درجة مدهشة ويتأثر تأثراً كبيراً بإرادة الأنسان ذاته ورغباته وطموحاته، وكلما قويت الإرادة وامتلكنا تصوراً واضحاً لما نريد، أمكن للمخ أن يستجيب ويتغير، لا بل لا أبالغ إذا قلت أن للإرادة والقدرة على تغيير الظروف الخارجية ( الموضوعية )، وأحياناً تغيير حتى الظروف الطبيعية والفيزيائية الجامدة الصلبة ( وإن بشكل مؤقت) كما يفعل الروحانيون والسحرة.


تسألني كيف ؟
حسناً ... كيف أستنبتت البرمجة في البدء ؟
صفعة الأب التي لا تنسى، ضحكة زميلٍ في الصف، عصا المعلم، ملامح وجه إمام المسجد وهو يبكي من شظى نار الرب، خيبة الحب الأول ....الخ.

لقد أستنبتت كما قلنا عبر الحواس ( السمع، البصر، الشم، اللمس،....) الخ.
في أي حالة مخية كنت أنت وأنا فيها إبان تسجيل المعلومة ...؟
كنّا غالباً في حالة إستقبالية عالية جداً للخارج، كان مخنا يسبح في أمواج الآلفا ذات التردد البطيء والتي تمكن من تسجيل المعلومة، كنا شبه منومين مغناطيسياً أو مخدرين، إنها سنواتنا الأولى في هذا العالم، إنها سنوات الإنبهار والتي تجعل المخ مشرعاً لإستقبال كل شيء...!

طيب ...ماذا لو فعلنا الأمر ذاته الآن ...؟
أن نكون في حالة إستقبالية لمعطيات حسية جديدة منتقاة بعناية ...!
ألا يمكن أن نعيد البرمجة ؟
بالتأكيد يمكن. لا أقول ببساطة، ولكن مع الإصرار والإيمان والتأمل الذي يضع المخ على أمواج الألفا، يمكن أن ننجح ...!

أن تحب ذاتك وبأقصى قدر من القوة.

لكن قبل ذلك نحتاج للآتي : 

1- أن تحب ذاتك وبأقصى قدر من القوة.
حين كنا أطفالاً كنا نحب ذواتنا ومن خلال هذا الحب، إستمعنا للآخرين بثقة، بعضهم عزز فينا حبنا لذواتنا وأمكن له من خلال هذا الحب أن يعطينا ما يفيدنا حقاً، لكن أغلبهم خصوصاً في أُسر الكادحين البسطاء الأميون، لم ينجحوا في أن يعززوا حبنا لآنفسنا بل زرعوا الشك فينا وهدمونا من الداخل وإن بجهل، لا بسوء نية....!

وكبرنا فوجدنا أنفسنا نفشل في خلق حياة كريمة لنا أو لأحبائنا، ولهذا ترى قلة المتميزين منا خصوصاً في هذا الشرق البائس. الغريب أن من أبرز مفردات هويتنا الثقافية التأكيد على روح القطيع وكأننا لا زلنا في عصر الغاب حين كانت النمور تزدحم على الإنسان البدائي فتنهشه على مهل إن كان وحده وتفر إن كان بين أفراد نوعه.

في شرقنا يلعن الحب لذاته ويتهم بالآنانية والقسوة والنرجسية، في حين لا يمنع حبنا لذواتنا من أن نحب الآخرين أكثر ونمنحهم ونحن في قمة تألقنا ما يفوق ما نمنحه لهم ونحن فاشلين مفككين مضطربين بحكم كراهيتنا لأنفسنا أو سلبيتنا في النظر إلى أنفسنا.


2- أن تحب واقعك كما هو كائن لا كما ينبغي أن يكون.
حين كنا أطفالا، كنا منسجمين للغاية مع واقعنا، كل شيء فيه كان لذيذاً جميلاً، لم يكن لدينا زمن ماضي وزمن قادم، بل كنا بغاية الواقعية ولهذا تسللت المعلومة أو الإنطباع الحسي ببساطة وأستنبتت وجودها في المخ حتى صارت على ما هي عليه الآن من القوة فكيف لي بتغييرها وأنا غير منسجم ولا راضٍ عن واقعي القائم.

طبعاً لا أقول أنني ينبغي أن أعشق واقعي لأغيره وإلا لم أغيره إذن ..؟
إنما أقول أن أتقبله مع نية التغيير، لأن التغيير هو لهذا الواقع ذاته، لا لزمن آخر ولا لمكان آخر، بل هنا ولهذا الواقع ولأولك الشخوص وتلك الظروف، والتقبل عزيزي القاريء يمنحك فرصة التمحيص في جوانب الخلل في ذاتك كما وفي الواقع، بينما كراهية الذات وكراهية الواقع لا تؤدي إلا إلى إنتكاسات إضافية وربما الرّدة إلى ذات الواقع وبشكل أسوأ ( كما في حالة الإنقلابات والثورات الغاضبة التي حصلت في الشرق العربي أو إيران، وكما في تجربة الإتحاد السوفييتي السابق رغم عظمة البناء الإشتراكي الذي خُلق ).


3- تعلم التأمل :
ليس من عالم نفس أو عاشق علم نفسٍ أو روحانيٍ حقيقي لا ينصح بالتأمل لإصلاح الذات وإعادة برمجتها ....أبداً ...!
كل شيء يبدأ من هنا وينتهي إلى هنا .....!
التأمل ...التأمل ...التأمل ....!
لماذا ....؟
لأننا حين كنا أطفالاً، كنا في حالة إنشداهٍ واستغراق رهيب، سمح لحواسنا أن تعمل بمنتهى الكفاءة لتمتص ما يقال أو يُرى أو يستنشق أو يشم أو يلمس، طيب كيف يمكن لي ولك الآن أن نعيد برمجة أدمغتنا وأنا وأنت لا نملك ما كنا نملك في الطفولة من صفاء في الحواس أو في المخ ...؟

كيف يمكن أن نًسجل تلك المعلومات أو البرامج الجديدة التي نزمع أن تكون هي برنامج التشغيل البديل عن هذا الذي ورثناه عن أبائنا وأشياخنا ومعلمينا ورفاق اللعب من الأطفال، ونحن نعيش أدمغةٍ مضطربةٍ تجتر الحوار الداخلي والصور المتكررة التي لا نفع فيها ولا خير منها، ليل نهار ...؟


4- في حالة التأمل التي لا أشك في أنك ستصلها، إشرع في إستنبات ما تريد إستنباته في المخ.
هل من مزيد..؟
لا أظن أننا (أنا وأنت ) نحتاج لآكثر من هذا ....!!
من الطريف صديقي القاريء، أننا لا نكاد نكتفي من أي شيء وما أكثر ما نحتاج للتكرار وللتفاصيل، إننا مولعون بالتفاصيل وبالتكرار لآننا ننسى بسرعة وكما إن في بعض النسيان نعمةٍ فإن أكثره نقمة وخسارة، وللتعويض عن تلك الخسارة، تجدنا نعيد قراءة ذات الكتب ونستغرق بالتفاصيل وتفاصيل التفاصيل ولا نشبع.

لماذا لا ننسى مثلاً أن واحد زائد واحد يساوي إثنين وننسى أن نحب ذواتنا أو نتقبل واقعنا إلا إذا أعدنا قراءة ذات الكتب أو المقالات مرات ومرات ...؟

لإن لا أحد أنكر علينا حقيقة الواحد زائد واحد، لا أحد يهمه ذلك، لكن أن نحب ذواتنا فإن الجميع سيثورون لأن هذا الحب يهدد هيمنتهم علينا، بل وإن هذا المخلوق الذي في داخلنا، يتواطيء معهم ضدنا، كيف لا وقد تربى في أحضانهم حتى كاد أن ينفصل بالكامل عن ذواتنا وجوهرنا الروحي الخالد الذي يعكس وجه الخالق الأول.

بلا.... نحن نصارع في الداخل والخارج لكي نجيز لهذا العملاق النبيل المقيم فينا أن ينهض ...!
لإجل هذا أود أن أستغرق في بعض التفاصيل أشبع بعض جوعي وجوع المهتمين من القراء.

مفهوم القطيع

المزيد عن حب الذات :

بكل ما تملك من إرادة ووعي وإيمان ، أحبب ذاتك ....!!
هذا هو المفتاح الرئيسي عزيزي القاريء لإي تقدم حقيقي تتوق له فعلاً. بما هي عليه وكما هي وحيث تكون وتحت أي ظروف، أحببها وبمنتهى القوة.

لا تؤجل حبك لها حتى تتحسن أو تغدو غير ما هي عليه، لآنها كما الطفل، كما النبتة، كما الموهبة أو الهواية، كما الحب ذاته لإمرأةٍ أخرى أو لوطنٍ ما أو بيت لا يمكن أن يؤجل حتى تكبر النبتة أو يبلغ الطفل أشده أو يغدو الوطن جنةٍ ...!

مستحيل ...وإلا كيف لنفسك أن تغدو كما تريد وأنت أصلاً لا تؤمن بها ولا تحبها ولا تمنحها الحنان الذي تحتاجه لتنمو وتكبر إنطلاقاً من مكانها هذا ووضعها هذا وحجم وعيها في يومها هذا...!

طبعاً لا أفترض أنك تحب ذاتك من خلال التدليل المفرط أو التغاضي عن الهفوات، لا فمثل هذا الحب مفسدةٌ للنفس وما لا يصح مع سلبيات كالطفل أو الآشواك حول الزهرة أو عيوب الوطن، لا يصح أيضاً مع النفس إنما بالحب والتصالح والتعاطف والفهم العميق، يمكنك أن تتعامل مع هذا الطفل الذي في داخلك، وكلما تعزز الفهم والإنسجام في الداخل أمكن للنفس أن تتوهج وتتدفق فتبدع وتتطور.


إشغف بكيانك، أحبب أعضاء جسمك فإنها كائنات حية، كل خلية من ملايين خلايا الجسم كائنٌ حيٌ منفصل جزئياً، ومتصل جزئياً ببقية الكيانات في نسيجٍ هرمونيٍ عجيب، وجميعها تعيش على الماء والهواء و....الحب ....!!

لماذا يعاني الكثيرون وللأسف من الآمراض والعلل وهبوط الهمة الفسيولوجية والبيولوجية في أوقات باكرة جداً...؟
لإنهم لا يحبون أنفسهم...يغذوها السيء من الغذاء ...يرهقوها بالخمر وما هو أسوأ منه، يحرموها من فرصة التنفس السليم من خلال ممارسة الرياضة وأخيراً وهذا هو الأسوأ يحرموها من الحب من خلال عدم الإنتباه الودود لتفاصيلها وتلمسها بحب وحنان كما تفعل مع طفلك أو حبيبتك أو حتى قطتك ....!!

تلك أدواتك للرقي، لإنتاج حياة أجمل فكيف تريد منها أن تنشط وتحتمل نزواتك وأهوائك ومتطلباتك العسيرة الصعبة وهي لا ترى منك لا حب ولا أهتمام ولا أحترام.

ما الفرق عزيزي القاريء بين بيكاسو أو نيتشه أو أديسون....وبين أي فيزيائي أو فنان أو أي خريج كلية آداب قسم الفلسفة ....؟
ما الفرق بين الرحال أو جواد سليم وأي فنانٍ يقضي نهاره في الصيف أو الشتاء جالساً في أي زاوية شارعٍ، ليرسم البورتريهات الرخيصة مقابل بضع دولارات....؟


إنه حب بيكاسو أو جواد سليم أو أديسون أو نيتشه لأنفسهم وإحترامهم لأعضائهم وعقولهم التي هي أصلاً أدوات إبداعهم.... إنه الإلتزام الحميم والإعتزاز البالغ بالذات .... إنها اليقظة المقدسة لخطورة هذا الذي يملكون من موهبة...! لا أشك في أن الظروف الموضوعية تلعب أدواراً كبيرة... لكن صدقني لا تجرؤ أي ظروف على قتل موهبة موهوب أو إحياء رميم نفسٍ مبعثرة إذا لم يرد الإشراق وتتحقق اليقظة من الداخل....!

في داخل كل واحدٍ منا نيتشه أو محمد أو بوذا أو ماركس أو هيلين كيلر أو مدام كوري ... كل واحد بلا إستثناء ...شريطة أن يجلي الصدأ عن النفس بلمسات الحب لا بمعول الهدم لأنه سيدمر كل سيء بذات الآن...! هناك طاقة هائلة في داخل كل واحد منّا... طاقة عظيمة لم تلمس بعد لأن أدواتنا في البحث عنها وإخراجها ثقيلة عليها ولا تستطيع أن تلتقطها دون أن تتلفها ...!

الطاقة الروحية الداخلية عزيزي القاريء شفافة للغاية وأدواتنا أعني عقولنا وأيادينا وتوسلاتنا لا تنفع في إخراجها لإن إيماننا مضطرب وثقتنا بأنفسنا ضعيفة وعقولنا ملوثة للغاية بمؤثرات الآخرين، وبالتالي فليس إلا الحب أولاً ... الحب غير المشروط....غير المرتبط بطلبات معينة من قبيل أحب نفسي حتى أخدعها لتنفذ لي كذا أو كذا ...لا ليس بهذا تستطيع أن تدفع ذاتك للرقي، إنما بالحب الخالص المنزه عن الغرض، عندها فقط ستعطيك هي بدورها أجمل ما في كنوزها.

ولهذا فبالتأمل يمكنك أن تبرمج عملية حب الذات قبل أن تبرمج عملية تغيير الشخصية، وهذا ما لا أكف عن قوله للأصدقاء الذين هم ناقمون من شخصياتهم ويتمنون تغييرها ولا يعرفون من أين يبتدأون...!


يقلم: كامل السعدون

تأثير العقل الواعي على الوظائف البيولوجية أو الفسيولوجة bio – Feedback

تأثير العقل الواعي على الوظائف البيولوجية أو الفسيولوجة

من المؤسف أن الأغلبية منا وبالذات في شرقنا العربي لا يعرفون إلا أقل القليل عن علم النفس، وحتى هذا القليل القاصر ربما على مصطلحات من قبيل عقل باطن، عقل واعي، لا نعرفها إلا كمسميات دون أن ترتبط في أذهاننا بممارسات عملية.

وحتى في الأوساط المثقفة حسنة التعليم، تجد الكثيرون يعولون على التغييرات التي تأتي من الخارج لتحسن مستواهم المعيشي أو الفكري أو تنمي ذكائهم، دون أن يجهدوا لممارسة التغيير والتطوير بإرادتهم وقناعتهم وحاجتهم الشخصية.

لا شك أننا جميعاً نتمنى بل ونعلم على أن تتغير شروط حياتنا وظروفها من خلال تغيير سياسيٍ وإصلاح اقتصادي واجتماعي، لكن حتى لو حصل هذا وهو مستبعد على أية حال، نقول حتى لو حصل فإنه لن يغير أوضاعنا كثيراً إذا لم نكن نحن مستعدون ومتحمسون للتغيير من داخلنا وبأدواتنا الشخصية وبالمعارف الراقية التي نستحصلها.

أنا شخصياً، وقبل أن أتعرف على التأمل والإيحاء والسيطرة على العقل الباطن من خلال العقل الواعي، كنت أندهش بقوة لأفعال فقراء الهنود في السيطرة على التنفس أو درجة حرارة الجسم أو السير على الجمر أو غيرها، وكنت أحسبها سحراً وكم من الأشياء ما نعده سحراً وما يحرم الدين الإسلامي حتى التساؤل بشأنه أو التفكير فيه لأنه يسبب غضب الله حسب وهم رجال الوعظ والإرشاد في هذه الأمة المريضة الكسيحة.

مصطلح الbio-Feedback هو الممارسة التي يقوم بها الكثير من الروحانيين ومن أديان عديدة، ويعنى به تغيير الوظائف البيولوجية للجسم من خلال المخ وعبر سيطرة العقل الواعي على العقل الباطن …!

سيسألني الكثيرون، وهل بمقدورنا أن نسيطر على العقل الباطن من خلال الوعي، وأجيب بلى وببساطة إذا ما كنا جادين متحمسين مقتنعين ومصرين على ذلك …!!

لكن كيف؟ من خلال الاسترخاء أولاً، لأنك إن لم تسترخي لا يمكنك أن تركز وعيك على غرضٍ ما، فالوعي المشغول بحوارٍ داخلي وحسابات عديدة واستعراض مستمر لصور مختلفة تتدفق باستمرار على شاشة الذهن، لا يمكنه أن يركز على وظيفة بيولوجية داخلية ويحاول أن يغيرها …مستحيل …!

الأمر الثاني : اعتماد لغة العقل الباطن، لتوصيل الأوامر إليه. كيف ..؟ تماماً كما أنك لا يمكن أن تتحدث مع الإنجليزي الذي لا يعرف غير إنجليزيته، إلا بتلك اللغة إذا أردت أن تتواصل معه بشكل ودود وتوصل له المعلومات والمشاعر التي تريد إيصالها، فكذلك لا يمكنك أن تخاطب العقل الباطن بغير لغته التي يعرف.

تسألني، وما هي لغة العقل الباطن، أجيبك الصور …!!

تسألني، وما هي لغة العقل الباطن، أجيبك الصور …!!

العقل الباطن يستجيب للصورة الحسية أكثر مما يستجيب للكلمات وإن امتزجت الكلمة بالصورة كان التأثير أكبر.

الأمر الثالث : أن تكون صبوراً ومؤمناً بهذا الذي تفعله، وكلما كلن إيمانك قوي وكلما كنت أكثر صبراً كلما أشركت أكبر قدر من الخيال وأدخلت أكبر عدد من الحواس في الصورة الخيالية التي ترسمها، كلما تسنى لك أن تفعل تلك الأنشطة التي تود فعلها، سواءٍ للتسلية أو الاستعراض أو لتقوية قدراتك الذهنية وتحقيق أهداف أكبر في حياتك.

القوة السيكولوجية أو الروحية عزيزي القارئ، قوةٌ عظيمة يمكن أن تغني حياتنا وتزيد من ثقتنا بأنفسنا وتمكننا من تحقيق الكثير من الأهداف التي يتعذر علينا تحقيقها من خلال المعارف أو الإمكانات الأخرى .

هناك أنشطة عديدة انتخبت لهذا المقال بعض اليسير منها لتبيان قوة تأثير العقل الواعي على العقل الباطن، وهي في الغالب متشابهة مع بعضها البعض في بعض المحاور، حسناً لنجرب الآتي :

أختر مكاناً منعزلاً عن الناس، في غرفتك الخاصة مثلاً، أستلق على سريرك أو أجلس على كرسيٍ مريح، أسترخ تماماً وألقي بيديك في حجرك أو إلى جوارك إذا كنت مستلقياً، أغلق عينيك وأشرع بترديد الإيحاء التالي :

- إنني ساخنُ اليدين، إن حرارة يدي ترتفع تدريجياً … كرر هذا الإيحاء لعشرة مرات .
- بذات الآن الذي تقوم فيه بالإيحاء لنفسك بأن حرارتك ترتفع قم بتخيل ارتفاع الحرارة، تخيل أن يديك تسخنان، تصور في ذهنك وأمام عينيك صورة يداك وهما تتعرقان، كثف الصورة أكثر وأكثر وأستمر بترديد هذه العبارة في داخلك بصوت خفيض. يداي تسخنان …يداي تسخنان ….
- بعد عشر دقائق من أداء التمرين ستشعر أن كفيك قد سخنتا فعلاً ولو كان عندك من يتحسس حرارة يديك أو لو امتلكت في تلك الساعة محراراً لتسنى لك أن ترى فرقاً كبيراً بين حرارة يدك قبل بدء التجربة وحرارتهما عقبها.
- ذات التمرين يمكن أتباعه مع كافة الوظائف البيولوجية أو الفسيولوجية الأخرى، مع تغيير نمط الصور التي نصنعها في الذهن بينما نحن نردد العبارة المناسبة لكل وظيفة، سواء كانت تلك الوظيفة تنفس أو دقات قلب أو هضم أو إفراغ أو غيره، مع التأكيد على أنه من المحذور القيام بتجارب حساسة كإيقاف التنفس أو تخفيض ضغط الدم بدون استشارة الطبيب، فهناك من يخفق في السيطرة على تنفسه أو دقات قلبه وبالتالي قد تكون العواقب غير محمودة لا سمح الله.

وبالمناسبة فجميع هذه التمارين، يمكن أن نمارسها على الآخرين شريطة أن يكونوا راغبين بذلك، بعكسه فإننا لن ننجح في السيطرة على عقولهم الباطنة من خلال عقولنا الواعية، إلا في حالة التنويم المغناطيسي.

حسناً … لنجرب هذا التمرين في حالة الألم كالصداع أو ضيق التنفس أو أي ألم تعانيه ( بالمناسبة جربت هذا مع آلام قاسية جداً لدى آخرين وتمكنت من لإيقافها ) :

ألام الرأس

- أسترخ أو دع مريضك يسترخي على سريرٍ مريح.
- ضع يدك على مكان الألم، وليكن جبهتك مثلاً أو المكان المتألم لدى الآخر.
- إبدأ بترديد العبارات التي تناسب نوع الألم ولنفترضه الصداع أو آلام الروماتزم أو القرحة، ودع رفيقك أو مريضك يردد معك ما تقوله وليكن :

رأسي هادئ ، رأسي بارد ، أشعر براحة عميقة في رأسي ، أنا سعيد ، أنا مرتاح ، أنا معافى …أشعر بأني أزداد صحة وعافية ، أشعر بأني أزداد ارتياحا وهدوءا …الخ .

- بذات الآن الذي تردد فيه هذه العبارات ويرددها معك الآخر ( المعني بالألم )، وكليكما في حالة استرخاء عميق، وعيونكما مغلقة، قم بنسج صور ذهنية جميلة تدل على الصحة والعافية، من قبيل أن تتخيل العضو المتألم وهو بارد وهادئ ومعافى، تخيل الرأس المصدع وهو يهتز طرباً لسماع موسيقى أو تخيله وهو يستحم في حمامٍ بارد وأوح لشريكك أن يشاركك التصور كيف أن رأسه منتشٍ تحت رشاش الماء البارد أو تخيل أنكما تستحمان في بحيرةٍ أو نهرٍ باردٍ جميل عذب الماء، قم بوصف المكان بشكل جيد وصف مشهد الماء وأنتما تقفزان إليه ورذاذ الماء وهو يتناثر، ولحظة تصف المشهد الجميل ولحظة أخرى تردد أنك أو ( هو ) في حالة هدوء وسلام وعافية.

ذات التمرين يمكن تطبيقه مع كل الآلام والأمراض، شريطة أن تحدد بالضبط مكان الآلام وأن تسترخي ( أو تسترخيان أنت ومريضك ) في حالة معالجة شخص آخر، ثم تقوم بالإيحاء بصوت واثق ومسموع من قبل الآخر، وأن لا يكون الصوت مهدداً أو مستفزاً، إنما واثق وحازم ومقنع، ثم عليك أن توحي بصورة مناسبة للمرض أو العلة أو العضو المصاب.

الحقيقة أن هناك أساليب عديدة للعلاج النفسي أو الروحي، كالتنويم المغناطيسي والرايكي والسيلفا وغيره، ولكن هذا النوع من العلاج هو أقربها لسرعة التحقق والتأثير ولا يحتاج لخبرات كبيرة أو تأمل عميق، وكما في بقية أساليب العلاج غير الطبية، يمكن أن يتحقق الشفاء دون الحاجة إلى استخدام الأدوية بما فيها من تأثيرات جانبية كبيرة على جهاز المناعة وبقية الوظائف الفسيولوجية.

بالمناسبة، هذه المعارف السيكولوجية العميقة، كانت تعد في السابق من علوم السحر أو التواصل مع القوى الخارجية الخفية، وكان ممارسها إما أن يعد شيطاناً أو قديساً ولا منزلة بين المنزلتين، ولكنها في واقع الحال علوم طبيعية وقدرات منطقية وقابلة للتفسير على ضوء النهضة العلمية الجبارة التي حصلت في علم النفس منذ خمسينات القرن الماضي .

بمعنى آخر، أن ما نفعله أو نقوله هو بعضٌ من ممارسات علمية محترمة وتمارس في أرقى معاهد البحث العلمي وقد غدت لها معاهد تدريس خاصةٍ منتشرة في طول العالم الغربي وعرضه .

كيف تستعمل التنويم الإيحائي مع ذاتك

كيف تستعمل التنويم الإيحائي مع ذاتك

قبل أن تسعى لممارسة التنويم الإيحائي مع ذاتك ، يجب أن تقرر بينك وبين نفسك ما الذي تريد أن تكتشفه من أغوارك الداخلية أو تغيره في ذاتك، قبل أن ترحل إلى عالم العقل الباطن …!

يجب أن تكون دقيقاً مع نفسك وواضحاً ويكون لديك هدفٌ واحد أو مسألة واحدة تود معرفة حلّها أو الإلمام بتفاصيلها، لا عشرة أهداف أو حتى أثنين، لأنك قد تتورط في خلق المزيد من المتاعب دون أن تحلّ ولا واحدة من تلك العشرة.


الأمر الثاني ، يجب أن تكون الإيحاءات المستعملة والتي يراد غرسها في العقل الباطن :

1- إيجابية ومفيدة : بالتأكيد ستقول طبعاً وهل أريد أن أوحي لنفسي بالشر أو الأذى، لا طبعاً ليس هذا ما قصدنا ولكن أن تصاغ بشكل إيجابي وحازم ولا مجال فيها للتأجيل ولا ينبغي أن تذكر في النص أي عبارة توحي بالسلب من قبيل " سأتعلم السباحة مهما كنت خائفاً "، مثل هذا الإيحاء سلط الضوء المكثف على كلمة " خوف " حتى وإن سبقتها كلمة " مهما " لأن كلمات من قبيل : مهما أو لكن أو ربما أو لعل أو سوف أو ( س )، كلمات لا يفهمها العقل الباطن لأنها لا تملك صوراً معينة تترافق معها، فلو إنك قلت " يسعدني أن أتعلم السباحة " كلمة يسعدني تحمل كماً من صور السعادة، لكن كلمة، مهما أو لعل أو ربما، لا تحمل صورة وبالتالي سيقفز العقل الباطن عليها ليسلط ضوءه على ما ورائها وهو كلمة خائفاً.

وبالتالي فكأنك تقول :
سأتعلم السباحة كنت خائفاً ( بدون مهما ) وساعتها لن تتعلم السباحة أو حتى ربما تغرق لأنك وضعت كلمة الخوف في صميم الإيحاء. كذلك استعمال كلمات التأجيل من قبيل س ، سوف ، ربما ، كلها تدفع العقل الباطن لأن يقول : لا هذا الرجل لا يريد شيئاً محدداً بالضبط فلِم أتعب نفسي وأجهد من أجل أن أستنبت إيحائياً هوائياً عائماً …!!

إذن ليكن إيحائك لنفسك شبيه بالآتي : يسعدني أن أتعلم السباحة أو أريد أن أتعلم السباحة …!

حتى لو قفز العقل الباطن على كلمة أريد أو يسعدني فبالنتيجة تبقى كلمة تعلم السباحة وهذا هو الأمر الذي سيصدره العقل الباطن إلى المخ ومن ثم إلى الكيان كله وإلى الخارج ( الكون الذكي )، بأنك تريد كذا ويجب أن يكون لك هذا الذي تريده …!

يجب أن يكون الإيحاء قصيراً ومباشراً

2- يجب أن يكون الإيحاء قصيراً ومباشراً ولا يحمل أكثر من معنى أو أكثر من احتمال، لأننا لا نريد أن نتسلى أو ( نسفسط ) أو نلعب لعبة ذهنية، بل نملك ضرورة ونريد تحقيق هدف محدد ومعين بدقة.

خذ هذه الإيحاءات مثلاً :

" أنا واثق من نفسي وأملك قوة داخلية هائلة "
" أنا أملك شخصية رائعة "
" أنا أكره التدخين "
" التدخين مدمر للصحة "
" أنا محب للمعرفة "
" أنا امرأة جميلة "
" أنا رجلٌ ناجح "
الخ …الخ …!


هذه الإيحاءات وإن بدت بعضها إستراتيجية وتحتاج ربما لمرات ومرات عديدة من التأكيد وممارسة التنويم حتى ترسخ في العقل الباطن، ولكنها كما ترى مباشرة ودقيقة وقصيرة وإيجابية وهادفة ولا تضر أحداً لا القائل ولا محيطه الأسري أو الاجتماعي.


3- سهلةٌ على الحفظ والتذكر : من المهم عزيزي القارئ أن تكون الجمل سهلة وقابلة للحفظ والاستذكار والاستنبات لاحقاً في العقل الباطن، فكما إن المزارع لا يذهب إلى الحقل ببذور لا يعرف محتواها، فكذلك من يذهب إلى العقل الباطن، ينبغي أن يذهب ببذورٍ يعرف ما تحتوي، وتلك لا تكون معروفة إن لم يكن لها جسم لغوي واضح ومحدد مثل هذا القول : " أنا امرأة جميلةْ "، حيث كل الكلمات مترابطة متماسكة تملك صوراً شخصية، أنا ( تلك الكينونة المعروفة ) ( امرأة – هذا الجنس الذي أملك ) ( جميلة – تلك الخصلة الرائعة التي لها صورة محددة في ذهني، وأرى إني أملكها بالتأكيد أو أريد أن أؤكد امتلاكي لها لكي ما تشرق وتتأكد في الخارج ).


حسناً …بعد أن صغت الإيحاء الذي تريده ( ويجب أن يكون واحد في المرة الواحدة )، قم بتدوينه على الورق، ثم قم بتدوين الأسباب التي تدعوك لتحقيق هذا الهدف أو تأكيد هذه الخصلة : لماذا أريد أن أتوقف عن التدخين، أو لماذا أريد أن أؤكد أني وسيم أو محب للمعرفة أو إني امرأة جميلة.

دون كل ما تعرف من مبررات للاعتقاد بأنك هكذا أو تريد كذا، على سبيل المثال، فتاةٌ تملك جمالاً متواضعاً يمكن أن يرتقي إلى مستويات عالية فيما لو أنها آمنت به، لكنها لا تملك للأسف وهي في حالة الوعي اليومي العادي، أن تؤمن به لأن ذهنها مشغول بأكثر من شيء ولأن نظرات الناس لا توحي لها بأنها جميلة أو لأن أهلها أو ظروف الماضي وإحاطاته قتلت في داخلها الإحساس بالجمال والتألق.

حسناً …ما لا تستطيع أن تؤكده وهي في حالة الوعي اليومي، يمكن أن تؤكده وتؤمن به وتحققه في حالة التنويم الإيحائي الذاتي، وإذن فالذي تحتاجه قبل الدخول في حالة التنويم هو أن تعرف لماذا تريد أن تكون جميلة أو أن يشرق هذا الجمال الذي في داخلها :

1- لأن الجمال يمنحها ثقة أكبر بالذات.
2- لأن الجمال يمكن أن يحسن فرصها في الحب والحياة عامة.

أو لنأخذ مسألة الرغبة في الكفّ عن التدخين :

1- لأنني أشعر بضعف الشهية للطعام .
2- لأن صحتي تدهورت.
3- لأن رائحته كريهة.
4- لأن …الخ …الخ.


مع كل إيحاء تنتقيه عليك أن تدون أكبر قدر من المبررات لهذا الذي لا تريده له أن يستمر لديك ( كالتدخين مثلاً )، أو هذا الذي تريد أن تناله من مكاسب من وراء الوصول إلى هدفك ( كال جمال أو المال )، دون كل شيء وبعناية وتأمل هذا الذي تكتبه ولا تستغرق في التفاصيل السلبية لأنها لن تنفعك، لا تقل مثلاً ومن أين لي أن أكون وسيماً والناس لا ينظرون لي بنظرة إعجاب، أو كيف أقطع التدخين وأنا الذي دخنت لأكثر من نصف عمري …لا... لا تهتم لردود الأفعال السلبية، بل ركز على الإيجابيات التي ستنالها فيما لو أنك نجحت في الوصول إلى الهدف، وقل لنفسك بذات الآن طيب وما الذي أخسره إن آمنت بغير هذا الكريه أو الخطأ الذي آمنت به طوال حياتي، ماذا أخسر …!


تحضيرات ما قبل الممارسة :

أختر الوقت والمكان الذي لا تكون فيه مرتبط بموعد أو على مقربة من الآخرين بحيث يمكن أن يفرضوا وجودهم عليك ويقطعوا خلوتك، أرفع سماعة التلفون، أجعل الأجواء عندك مريحة جداً لمثل هكذا خلوة. الأن إما أن تستلقي على سريرك بشكلٍ مريح وذراعيك إلى الجانبين بشكلٍ طوليٍ مع جذعك أو أن تجلس على كرسيٍ مستقيم الظهر وتلقي بيديك على أذرع الكرسي وتكون قدميك ملامستين للأرض.

ركز انتباهك وبصرك على شكلٍ ما في الجدار أو نقطة ما في السقف بحيث تكون متميزة ولها شكل معين، كمصباح مطفأ أو رسم على الجدار أو السقف أو ذراع مروحة سقفية أو حتى بقعة سوداء صغيرة أو أي شيء.

يفضل أن تكون النقطة التي تركز عليها فوق مستوى النظر أي ليس متعامدة مع أفق النظر، ثم قم بالتنفس بعمق لخمس مرات وفي كل مرة تخرج فيها الهواء قل لنفسك : أسترخي … تحسس كيف أن التوتر يغادر جسمك وعقلك وأنك تشرع فعلاً بحالة لذيذة من الاسترخاء …تحسس هذه الحالة وأنتبه لها وأستشعرها … أغلق عينيك الآن وركز سمعك على خمسة أصوات مختلفة تأتيك من الخارج أو مما حولك …صوت تكتكة الساعة …صوت المروحة …صوت سيارات في الخارج …صوت الريح أو حفيف الأشجار في الحديقة …الخ .

عقب ذلك تنبه إلى خمسة أشياء تشعر بها في هذه اللحظة مثلاً :

1- وزنك أو ثقل جسمك وهو متهالك على الكرسي أو السرير.
2- حرارة جسمك.
3- حركة صدرك في أثناء التنفس.
4- احتكاك ملابسك وهي تلتصق بجسمك.

أنتبه لأي شيء يمكن لحاسة الحس أن تشعره في هذه اللحظة.

نزول الدرج

أنت الآن عزيزي القارئ في حالة استرخاء عميقٍ للغاية ويمكن لك أن تهبط في هذه اللحظة إلى جنة العقل الباطن أو بستانه العامر، أبدأ بتخيل نفسك وأنت تهبط سلماً من عشر درجات، تصور نفسك بأقصى ما يمكن لخيالك أن ينجح في تصوره، تصور نفسك وأنت تهبط عابراً غشاءٍ رقيقاً من الغيوم أو الدخان الملون الكثيف الجميل، مدّ ذراعيك إلى الأمام وكأنك فعلاً تمشي وتريد أن تتبين طريقك وسط تلك الغيوم الكثيفة أو الدخان الملون، مع كل خطوة تنزلها، تحسس كم أنك تسترخي أكثر وأكثر، عند الدرجة السابعة من درجات السلّم، ستجدك تتخلص من كل متاعبك ومخاوفك وتتركها ورائك، عند الدرجة السادسة سيغيب العقل المشكك الناقد، عند الدرجة الخامسة ستتحرر ذاتك الحقيقية، عند الدرجة اخامسة تلج في مركز الغيمة الكثيفة، عند الدرجة الرابعة ستشعر بنفسك وأنت في صميم الغيوم الكثيفة الجميلة، عند الدرجة الثالثة تشعر بأنك في غاية الهدوء والرضا والطمأنينة، عند الدرجة الثانية تخرج من الغيوم إلى ضوء الشمس الدافئ اللذيذ، في الدرجة الأخيرة تهبط إلى الحديقة الجميلة الخضراء الغنية بالألوان والأزهار والروائح العطرة المختلفة.


أنت الآن عزيزي القارئ في حالة استرخاء تام وعميق جداً ، وهنا تكون فرصتك لأن تعيد على نفسك هذا الإيحاء الذي قلته سواء كان رغبة أم هدف أم أمنية أم مشكلة تريد طرحها على العقل الباطن وتنتظر منه الجواب عليها.


أعد الإيحاء ثلاث مرات، مع استراحة قصيرة بين كل مرةٍ وأخرى، عقب ذلك يمكن أن تسقط في نوم عميق أو أن تعود إلى الوعي من خلال العهد العكسي وارتقاء السلم صوب الوعي اليومي العادي، إستعمل الخيال وتخيل نفسك عند الدرجة الأولى وأنت تخرج من الحديقة ثم الثانية والثالثة و…وصولاً إلى الدرجة رقم عشرة التي هبطت منها أول مرة.

كتاب غير مجرى حياتك مع التنويم المغناطيسي

غير مجرى حياتك مع التنويم المغناطيسي

يتألف هذا الكتاب من جزئين: الجزء الأول للمبتدئين وهو يتضمن أربعة فصول، يتناول الفصل الأول العلاقة بين العادات والتنويم المغناطيسي الخفي إذ يتعرض أغلبنا لعملية التنويم المغناطيسي الخفي بشكل غير مباشر وقد أدرك ذلك العاملون في مجال الإعلام فلجأوا إلى التكرار المستمر كي نمتص الإيحاءات الموجهة إلينا من قبلهم.


ويتعرض الفصل الثاني لموضوع التنويم الذاتي الذي يساعد استخدامه على إفساح المجال لظهور عادات أفضل ويمكن الإنسان أن يتخلص من التفكير السلبي والخيال الشخصي الخاطئ، ويبحث الفصل الثالث في الخيال والإيحاء الذاتي إذ يمارس الخيال سيطرته على وعي كل منا ويكون ذلك عادة دون أن ندرك ويعلمنا الفصل الرابع كيفية التخلص من كثير من العادات الضارة كالتدخين، والمخدرات والأرق وفي تخفيض الوزن ويحتوي الجزء الثاني من الكتاب على تقنيات متقدمة إذ يعرض لاستخدامات التنويم المغناطيسي في الممارسات العملية المحترفة.



ما يتذكَّره الدماغ اللَّاواعي من سنِّ الرضاعة

ما يتذكَّره الدماغ اللَّاواعي من سنِّ الرضاعة

كشفت دراسةٌ في مجال علم الأعصاب عن إمكانية العثور على آثارِ لغةٍ أُمٍّ «مَنْسيَّة» في الدماغ بعد عقودٍ من سماعها آخر مرة.

تراوحت أعمار الفتيات في الدراسة الكندية بين 9 و17 عامًا عندما خضعْنَ للاختبار، وقد تَبَنتهُنَّ في سنٍّ مُبكِّرة عائلاتٌ تتحدَّث الفرنسية من آباء وأمهات صينيين.

ومن ثَمَّ كان تعرُّضهن للُّغة الصينية أقل ما يمكن، وبالطبع لا يتمتَّعْنَ بأيِّ تذكُّر واعٍ للُغتِهِنَّ الأم.

تشرح لارا بيرس — قائد فريق الدراسة — أسباب الدراسة قائلةً:


يكوِّن دماغ الرضيع تمثيلات لأصوات اللغة. وقد رغبنا في معرفة هل يحتفظ الدماغ بتلك التمثيلات في مراحل الحياة اللاحقة حتى لو لم يتعرَّض المرء لهذه اللغة بعد ذلك.


قُورِنت الفتيات اللاتي تتحدَّثْنَ الفرنسية المُتبَنَّيات من عائلات صينيَّة مع فتيات يتحدَّثن اللغتين الصينية والفرنسية، وأيضًا مع مجموعة أخرى وُلِدت وتربَّت على سماع اللغة الفرنسية فحسب.

فاجَأَتْ نتائج الدراسة العلماء:


لقد ذُهِلْنا عندما لاحظنا أن نمطَ النشاط الدماغي لدى الفتيات الصينيات المُتَبَنَّيات، اللائي نَسِينَ اللغة أو توقَّفْنَ عن استخدامها تمامًا؛ يتوافق مع نشاط مَن استمْرَرْنَ في التحدُّث بالصينية منذ الولادة.
لا بدَّ أن التمثيلات العصبية الداعِمة لهذا النمط قد اكتُسبَت خلال أشهر الحياة الأولى.
كذلك اختلف هذا النمط تمامًا عن المجموعة الأولى التي لا تتحدَّث سوى الفرنسية.


أثناء الدراسة — التي نُشِرت في مجلة «بروسيدينجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسيس» — شغَّل الباحثون مقاطِعَ من اللغة الصينية للمُشارِكات أثناءَ تصوير أَدْمِغتهن بالرنين المغناطيسيِّ الوظيفيِّ (بيرس وآخرون، 2014).

وعلى الرغم من أن الفتيات المُتَبَنَّيَات لا يتذكرْنَ اللغة الصينية على نحو واعٍ، فإن أَدْمِغتهُنَّ أظهرت نمط النشاط ذاته بالضبط لدى مَنْ يتحدثون الصينية باعتبارها لغة أُمًّا.

قدْرة اللَّاوعي مُذهِلة على تخزين معلومات نَسِيَها الوعي.

اعتمد الباحثون على حقيقة أن اللغة الصينية إحدى اللغات التي يتغيَّر فيها معنى الكلمات تغيُّرًا جذريًّا بسبب تغيُّر نَبْرة الصوت، وليس مجرد تغيُّر المعنى الضمني لِما يقال كما هو الحال في اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية.

أظهرت الفتيات اللائي وُلِدْن لأمهات صينيات وتَبَنَّتْهُنَّ عائلات تتحدَّث الفرنسية نشاطًا في التَّلْفيفِ الصُّدْغِيِّ العُلْوِيِّ — وهي منطقة تلعب دورًا مِحْوريًّا في معالجة الأصوات — يتطابق مع نشاط مَنْ لغتهم الأم هي الصينية.

أظهر متحدِّثو الفرنسية — ممَّنْ لا يتمتَّعون بذات الحساسية لنبرات الصوت — نشاطًا في منطقة مُماثِلة، لكن على الجانب الآخر من الدماغ.

ومن ثَمَّ خَلَصَ الباحثون إلى:


يقدِّم التشابُه بين الفتيات المُتبَنَّيات ومُتحدِّثي الصينية مِثالًا واضحًا على أن المعلومات المُكتسَبة في سنٍّ مبكرة تبقى في الدماغ، وأن التجارب المُبكِّرة تؤثِّر تأثيرًا لا واعيًا على المُعالَجة العصبية يستمر لسنوات، إن لم يكن للأبد. بيرس وآخرون، 2014

الإعلانات التجارية غسيل للمخ

الإعلانات التجارية غسيل للمخ

الإعلانات التجارية غسيل للمخ حقيقة، وذلك بالصوت والصورة، وربما بالأغنية المشوقة، وبأساليب أخرى خفية، لإقناع المستهلكين صغاراً وكباراً بأهمية سلعهم وبضائعهم المعلنة من قبل مصمّمين للاعلانات متخصصين في الدعاية والإعلان.
الإعلان كما يقول أهله ورواده مسار تثقيفي استهلاكي يسير عقليات الناس دون أن يدروا غالباً، في الاتجاه المقرّر عالمياً من قبل مصمّمي الإعلانات والموضات.

إن مصير المستهلكين لم يعد في جيوبهم ولا بين أيديهم، إنه يلعب أمام عيونهم، والتاجر المستفيد المباشر من الاعلانات التجارية يخفي وراءه المستفيد الأكبر، الشركات المنتجة، وما يتصل بها من نظام سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي.

إن الاعلان أخطر واقعة اجتماعية وإعلامية وثقافية واستهلاكية في عصرنا، فقد أصبح الاعلان أحد معالم المجتمع الحديث والذي لايمكن الاستغناء عنه، إنه صناعة يزداد ثقلها يوماً بعد يوم ومؤسسة قائمة بذاتها.

والإعلان نشاط يقدِّم رسائل مرئية ومسموعة لأفراد المجتمع، لاغرائهم على شراء سلعة أو خدمة مقابل طبعاً أجر مدفوع، وفي هذا التحقيق نحاول أن نعرض بعض وجهات النظر المختلفة حول مراحل الاعلان ونفقاته وخصائصه وأهدافه ومميزاته وأخطاره وعوامل نجاحه، مع استشراف معالم الاعلان الهادف الصادق.

الإعلان التجاري: مراحله وأهميته:

مرّ الإعلان التجاري بثلاث مراحل: في البداية لم يكن يتعدى الخبر بضعة أسطر تعلن عن سلعة جديدة، وفيما بعد أضيف إلى تلك الأسطر رسم أو صورة وتطور الأمر بعد ذلك حتى وصل إلى الشكل الذي نعرفه الآن، عندئذ لم يكتف الاعلان بالمستوى المحلي بل تخطاه إلى خارج الحدود، وبمرور الاعلان بهذه المراحل انتقل من الهواية إلى الحرفية ثم إلى التجريبية.

تقول د، فاطمة البكر: إن نمط السلوك الاستهلاكي لدى الفرد يتأصل لديه منذ الصغر ويتأثر بالعديد من العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية وأهمها وسائل الاعلام والاعلان والدعاية ومن ثم، فلا يمكن إهمال تأثير التليفزيون والاعلانات على أنماط استهلاك الفرد، فكثيراً ما تؤثر المعارض والدعايات على أنماط الاستهلاك، وتزيد من الشراء العشوائي عند كثير من الأفراد.

الإعلان التجاري: نفقاته وأخطاره:

في عام واحد تمّ انفاق مايقرب من 200 مليار دولار في ميدان الاعلان، وللأسف فان غالبية هذه النفقات تستهدف كما يقول د، نعيم أبوجمعة تكوين عادات شرائية خاطئة، إذ قد يعمد والكلام للدكتور نعيم المعلنون الى تشكيك الناس في سلع قديمة أو سلع جديدة في حوزتهم لم تُبْل أو تستنفد بَعْدُ، لينصرفوا عنها إلى شراء سلع جديدة.

والحقيقة، فمن خلال دراسات، وتحقيقات عديدة تبيّن أن الاعلانات التجارية وللأسف تمارس دوراً كبيراً في خداع المستهلك وفي دفعه إلى المزيد من الشراء لأشياء كثيرة لا حاجة به إليها فعلاً، وهذا هو الاسراف بعينه، ويضيف د، نعيم قائلاً المشكلة أن الإعلانات تمارس دوراً بارزاً في تغليب البواعث الوجدانية كالتقليد وحب التميز وتسعى لإثارتها في نفسية المستهلك المسكين.

مميزة للاعلان التجاري

الإعلان التجاري: خصائصه وإيحاءاته:

تتضح الخصائص المميزة للاعلان التجاري في كونه وسيلة اتصال، وان استخدامه بواسطة المنظمات والشركات المستهدفة للربح الاقتصادي، واستخدامه لكافة الوسائل الاعلانية، واستهدافه إقناع المستهلكين بشراء السلعة أو طلب الخدمة المعلن عنها.

تقول الأستاذة سميرة صادق إن الاعلانات التجارية تدفع المرأة للشراء والمزيد منه، فتدفع المرأة لشراء السلعة على سبيل التجريب نتيجة الاعلان عنها، كما أن الاعلانات تغري الأطفال على الشراء بكثافة من خلال المسابقات العديدة.

ولذا، فالاعلانات التجارية تُعّد مسؤولة إلى حد كبير عن دفع الناس إلى الاسراف وخاصة المرأة جرياً وراء التقليد أو حباً للاستطلاع أو رغبة في التفاخر والتباهي.

الإعلان التجاري: مميزاته واتجاهاته:

يتميّز الاعلان التجاري بالنسبة للمستهلك والمشتري بكونه يربطهما بالمتاجر التي تباع فيها السلع، ويرشدهما الى الابتكارات، وكذا الى المتاجر التي تبيع السلع المخفضة، كما يتضمن بعض الاعلانات شرحاً لمزايا السلعة وطرق استعمالها، مما يزيد من انتفاع المستهلك بها.

تقول د، نوال رمضان: إن الاعلانات التجارية لا تؤثر فقط على تفضيل أطعمة معينة، ولكن يمكن ان تشكل الأفكار والمعارف الغذائية واتجاهات الأطفال نحوها، وقد أظهرت بعض الدراسات أن الاعلانات لا تقدم معلومات غذائية عن الأطعمة المعروفة فحسب، ولكن غالباً ما تشير لأهمية الوجبة على أنها جزء من وجبة متوازنة.

وتضيف د، نوال قائلة لقد أشار كثير من الدراسات والأبحاث الى دور الاعلانات التجارية والتليفزيونية خاصة في تفضيل لعبة أو منتج غذائي، كما أظهرت النتائج أن التليفزيون هو الوسيلة الأولى في الاعلان عن المأكولات الرخيصة والمحبّبة للأطفال.

الإعلان التجاري: أهدافه وتأثيراته:

يستهدف الاعلان التجاري في المقام الأول الاستحواذ على رضا المعلن إليه واقناعه بالإقبال على اقتناء السلع والخدمات موضوع الاعلان، ولا يتأتي ذلك إلا بالتأثير في النمط السلوكي القائم لدى المعلن إليهم، وذلك عن طريق الحصول على معلومات متكاملة للخصائص الفردية لكل منهم ومدى تفاعل الفرد مع المجتمع، ومن المعلوم، أن هذه المعلومات تتركز في الرغبات والدوافع والاتجاهات التي تحرك السلوك الاجتماعي وتؤثر في نوعية القرارات الإعلانية، فالمستهلك هو نقطة الهدف من عملية الاتصال وهو كذلك نقطة البداية لأي نشاط.


يقول د، عبدالله بن سعود المعيقل في مرحلة سابقة من حياتي الجامعية قمت بدراسة علمية تتناول «تأثير الاعلانات التجارية في التليفزيون السعودي على الأطفال» وتوصلت لمجموعة مهمة من النتائج، منها:

1- يؤدي الاعلان عن سلع تجارية الى ازدياد معرفة الأطفال بهذه السلع ومكوناتها وفوائدها الغذائية.
2- يقوم الأطفال بتقليد أطفال الدعاية، كأن يقتنوا الفرشاة والمعجون من الصنف المعلن عنه وتقليد الحركات والرقصات.
3- أدى الاعلان إلى إقبال الأطفال على سلع دون أخرى حسب درجة الاقناع في الدعاية ذاتها.
4- أخذ الأطفال يرددون العبارات الواردة في الاعلانات التجارية.


ولا غرابة، فإن الأهداف الإعلانية من المستهلك تتحقق على النحو التالي:

أ- سيتمكن الاعلان التجاري من الاستحواذ على رضا المستهلكين للسلعة عن طريق قيامه بتزويدهم بمجموعة من المعلومات والبيانات التي تساعدهم على اكتشاف بعض الخصائص الذاتية للسلعة أو الخدمة.
ب- يؤثر الاعلان التجاري في تغيير اتجاهات المستهلكين ورغباتهم الشرائية، وذلك إذا ما بُني تصميمه على دراسة وافية لمكونات السلوك الانساني والقرارات الشرائية.

وجود دوافع شرائية قوية

الإعلان التجاري: عوامل نجاحه:

إن نجاح الإعلان التجاري يتوقف على عدة عوامل منها: وجود دوافع شرائية قوية، ووجود إمكانية كبيرة لتمييز السلعة أو الخدمة وتوافر مخصصات إعلانية كافية لأداء العمل الاعلاني بكفاءة، والزيادة المستمرة في الدخول القابلة للانفاق، وازدياد عدد متاجر التوسع الانتاجي والتسويقي.

يقول د، زيد الرماني في تعليقه على ما سبق: إن الكم الهائل من الاعلانات الدعائية التي تزخر بها أجهزة الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في جميع دول العالم هو أحد المقاييس الأمنية لنزعة الاستهلاك التي ألمت بالبشر في هذا الزمن، إذ يلجأ المنتجون إلى كل وسيلة متاحة لحث الناس على زيادة الاستهلاك.

وقد نجح الإعلان التجاري في دفع الناس للشراء والمزيد منه، ولا يقتصر الأمر على الاعلانات والدعاية الجذابة، وإنما هناك أساليب أخرى، مثل التسهيلات في عمليات الشراء بحمل السلع الى مقر سكن أو عمل المستهلك، وأساليب الدفع بالبطاقات والأقساط، ومكافأة المشتري كلما كثف من سلوكه الاستهلاكي، وقد سهل الحاسب بتقنيته المهّمة، اذ يدرس المنتجون من خلال نفسية المستهلك وأنسب أساليب الدعاية لسلعهم.

الإعلان التجاري: نحو إعلان هادف وصادق:

لابد من تغيير وجهة نظر الإعلان التجاري برمتها، فبدلاً من النظر الى المستهلك انطلاقاً من المنتج، ينبغي النظر الى المنتج بعيني المستهلك، إن منظار المستهلك يرغم المعلن على التساؤل عن أذواق الناس، خاصة أن منظار المستهلك يخدم المصالح الخاصة للمعلنين الى جانب توسيع مجال تأثير الاعلان، والانفلات من القيود المفروضة على الاعلان القديم.

ومن ثم، فينبغي أن تقوم وكالات الدعاية والاعلان في هذا الصدد بما يلي:

1- إجراء دراسات تسويقية لعملائها، تتناول رغبات وحاجات المشترين من السلع والخدمات موضوع الاعلان.
2- اختيار الوسيلة الاعلانية المناسبة لنقل الرسالة الاعلانية إلى المستهلكين والمشترين المستهدفين.
3- جمع البيانات والمعلومات الخاصة بالسلع والمستهلكين موضوع الاعلان.

خاتمة:

إذا كان الاعلان يتحدد بوصفه الفيروس المسؤول عن الخلخلة الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة في كثير من المجتمعات الحديثة، فإنه أصبح اليوم جزءاًَ أساساً في حياتنا اليومية الاجتماعية، فهو المتحدث الرسمي عن نشاط المنشآت والأفراد وهو وسيلة المستهلكين للتعرف على السلع والخدمات، وهو أداة استشارية عند اتخاذ قرارات استهلاكية.

ومن ثم، لم يعد الاعلان التجاري قاصراً على العاملين به فحسب، وإنما أصبح يضمّ خدمات جديدة، أخذت في الظهوروتتطلب تعدّد الاختصاصات وتنوع الخبراء واتساع الرقعة الجغرافية للأسواق الاعلانية.

المصدر

كتاب إستكشاف أغوار الذهن بالتنويم المغناطيسي

إستكشاف أغوار الذهن بالتنويم المغناطيسي

هذا الكتاب يوضح ما هو التنويم المغناطيسي وكيف ممكن نطبقة ؟وكيف انت تستطيع أن تطبقه على غيرك. يعلمك الاسلوب الامثل له.


ويأكد أنه ما في حد يقدرأن ينومك مغناطيسيا بدون استجابتك له او ارادتك ويبين حقائق عن عقل الانسان وقدراته.



التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخيال؟ ج2

التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخيال؟

تكملة للجزء الأول والذي يمكنك قراءته من هما - التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخيال؟ ج1

استخدامات العلاج بالتنويم:

يسعى المعالج بالتنويم إلى إظهار بعض الذكريات من اللاوعي لدى المريض أو أن ييسر له البوح ببعض أفكاره وانفعالاته المزعجة أو غير المقبولة التي لا يستطيع الحديث عنها صراحة في حالته الطبيعية.

ورغم أن العلاج بالتنويم قد أخذ في الانحسار تدريجياً مع تطور وسائل العلاج النفسية الأخرى في العصر الحديث إلا أنه قد حقق في السابق درجات مختلفة من النجاح في علاج مجموعة من الأمراض مثل:

1- السمنة.
2- يستخدم أطباء علم النفس التنويم الإيحائي في علاج أو مساعدة العديد من مرضاهم عن الإقلاع عن عادة لا يحبونها أو علاج مرض معين، ومن أهم هذه الحالات: إدمان الكحول والمخدرات والنيكوتين،، تحسين التركيز، الاجتهاد في العمل.
3- تم استخدامه في التخدير قبل العمليات الجراحية في القرن الماضي، لكنه نظراً لاكتشاف عقاقير التخدير فإنه لم يعد يستخدم في الوقت الحاضر.
4- الآلام المزمنة.
5- الربو.
6- الثآليل.
7- الحكة.
8- حبسة الكلام.


وليس من المناسب استخدام هذه التقنية العلاجية لعلاج ذوي الشخصيات الوسواسية، وكذلك الشخصيات الشكاكة المرتابة نظراً لانعدام ثقتهم بمن حولهم بمن فيهم المعالج نفسه.

التقنية الحديثة للعلاج بالتنويم:

يستخدم المعالج بالتنويم عدة وسائل في علاجه، والتي منها على سبيل المثال سؤال المريض بأن يركز نظره على شيء ما أمامه، وأن يسترخي تدريجياً حتى يصل إلى مرحلة يكون فيها غير واعٍ لما يدور حوله بدرجة كافية. ويشترط للعلاج بالتنويم أن يكون المريض متفاعلاً ومستعداً للتعاون مع المعالج، ورغم ذلك فإن هناك 5-10% من الناس لا يمكن تنويمهم مهما بلغت مهارة المعالج ودرجة تعاون المريض معه، في حين تختلف درجة القابلية للإيحاء عند 90% الآخرين. كما أنه يمكن أيضاً للمريض نفسه بعد فترة من التدريب أن يقوم بتنويم نفسه.


وتختلف طرق التنويم بحسب الغاية التي من أجلها يُنوّم الإنسان أو الوسيط. فقد يكون المنوم مشعوذاً أو طبيباً أو باحثاً أو هاوياً، فيكون الهدف أحياناً هو خداع الناس أو تسليتهم أو يكون طبيباً بحيث يستخدم التنويم لعلاج بعض الحالات النفسية وقد يكون الهدف إجراء بعض التجارب والبحوث أو يكون مجرد هواية لمحاولة استشفاف الغيب.


ومهما يكن الهدف من التنويم فإنه يجب أن يتم في مكان هادئ ونور خافت، بعيداً عن اللون الأحمر والألوان الزاهية البرّاقة، كما يجب أن يستلقي الوسيط على مقعد وثير بطريقة مريحة، وأن يحل ربطة العنق والأحزمة الضاغطة وينزع الأحذية الضيقة، ثم يجب أن يعرف الوسيط الهدف من النوم، وأن لا خطر من التنويم المغناطيسي على النائم، كما يطلب منه عدم المقاومة وأن يكون إيجابياً خلال مراحل النوم، ثم يبدأ المنوِّم بالإيحاء النفسي، معتمداً في ذلك على استغلال بعض الأشياء التي تحدث طبيعياً في جسد الإنسان ونوضح ذلك على النحو التالي:

في البداية يطلب المنوِّم من الوسيط أن يجلس ويداه مفتوحتان على ركبتيه، بحيث يكون باطن الكف إلى أعلى، فيوهمه بأن أصابعه سوف تنقبض بأثير قوة التيار المغناطيسي الذي يوجهه المنوِّم، وبعد لحظات يشعر الوسيط بأن أصابعه فعلاً تبدأ بالانقباض، وهذا الشعور طبيعي لأن أي إنسان إذا ما أرخى عضلات يده فإنه سوف يجد أن أصابعه تنقبض تلقائياً، فإذا أحس الوسيط أن أصابعه قد بدأت تنقبض، توهّم أن هذا الانقباض نتج فعلاً بتأثير من المنوِّم، ثم بعد ذلك يوهمه المنوِّم بأن يديه كما انقبضت بفعل التأثير المغناطيسي سوف تنقلب تلقائياً بحيث يصبح باطن اليد إلى أسفل بعد أن كان إلى أعلى، وفعلاً بعد أن تنقبض الأصابع تدور اليد كما أشار المنوِّم، وهذا أيضاً أمر طبيعي، ويمكن لأي إنسان أن يجرب ذلك بنفسه، فإذا شعر هذا الوسيط والذي غالباً ما يكون إنساناً بسيطاً أو مثقفاً طيب القلب يصدق كل ما يقال له، فإن ينقاد انقياداً أعمى إلى المنوِّم فتزداد ثقته به وبكلامه وبطاقته المغناطيسية، وبعدها يتحول المنوِّم بالإيحاء إلى عيون الوسيط بعد أن يضع أمامه كرة صغيرة لامعة ويطلب منه أن يحدق فيها ولا يلتفت لسواها، فيوحي إليه بأن أجفانه سوف تصبح ثقيلة وتأخذ بالانغلاق رويداً رويداً، وأن محاولة فتحها أصبح أمراً صعباً، وأن عليه الاستسلام وإغلاقها كي لا يتعب.


والحيلة الكامنة هنا هو أن المنوِّم يضع الكرة اللامعة على مسافة قريبة جداً من عيني الوسيط وفوق مستوى النظر، وهذه الوضعية يتوخاها المنوِّم لهدفين.

الهدف الأول: هو جعل عضلات عدسة العين الشعرية (Ciliary Bodies) تعمل بكامل طاقتها وقدرتها لتركيز الصورة على شبكة العين (Retina) وهذا يؤدي لشعور العين بالتعب، كما أن وضع الكرة اللامعة فوق مستوى العين يجبر عضلات الجفن الأعلى على الانقباض بصورة أشد من الحالة العادية وهذا ما يجعلها تتعب


أما الهدف الثاني: فيكمن في بريق الكرة إذ إن التحديق في جسم لامع يخفف من نشاط وحيوية الإنسان ويعزله عما يدور حوله من أمور. فإذا تعبت العين وقل النشاط والحيوية وأخذ يشعر بلحظات انسلاخ من المحيط الموجود فيه، ازدادت ثقته وقناعته بكلام المنوِّم إلى حد كبير بحيث لا يعود يشك في أية كلمة يسمعها منه. فإذا وصل المنوِّم إلى هذا الحد، أوحى إليه بأن الأصوات حوله بدأت تخف وأن لا صوت يسمع سوى صوت المنوِّم وبأن شعوراً جارفاً بالنوم بدأ ينتابه ولا فائدة من مقاومته وأن عليه الاستسلام لأن النوم فيه راحةله ثم يقول له بعدها بان أنفاسه قد أصبحت طويلة وبأن جسده أصبح خفيفاً جداً وهكذا يستمر المنوِّم بالإيحاء عن طريق استغلال أشياء حقيقة تحصل في جسد النائم حتى تحصل الحالة التي نسميها النوم المغناطيسي.


وحينما يكون المريض تحت تأثير التنويم سواءً بمساعدة عقار أو بدون استخدام العقاقير فإن المعالج يتركه يتحدث كيف يشاء، ثم يستخدم ذلك في العلاج لاحقاً.


وتتصف الحالة التي تنتاب المريض أثناء العلاج بالتنويم بالتغيرات التالية:
1- انعدام روح المبادرة وانتظار المريض لأوامر معالجه.
2- انعدام الاستجابة للمؤثرات الخارجية سوى ما يوجهه إليه المعالج.
3- ازدياد القابلية للإيحاء.
4- ضعف ارتباط المريض بالواقع من حوله.
5- شعور المريض ببعض التخيلات الغريبة كشعوره بأنه موجود في زمان ومكان غير الزمان والمكان الذَين يحياهما.
6- نسيان المريض لما حدث أثناء جلسة العلاج في بعض الأحيان خصوصاً عند ذوي الشخصيات القابلة للإيحاء بشكل كبير عندما يأمرهم المعالج بذلك.


ولعل بعض طلبة العلم يتحرج فيما يتعلق بحكم مثل هذه الطريقة العلاجية، حيث إن المسلم مأمور بتجنب كل ما يؤثر على وعيه وإدراكه إلا ما دعت إليه الضرورة كالبنج في العمليات الجراحية حتى لا يشعر المريض بالألم.

وفي الحقيقة أن الألم النفسي الذي يعاني منه المرضى النفسيون لا يقل في بعض الأحيان عن الألم العضوي بل قد يفوقه.

ما حكم التنويم المغناطيسي؟

تباينت الفتاوى حول التنويم المغناطيسي، وسبب تباينها يكمن في التصنيف الذي يوضع فيه التنويم المغناطيسي، فمن صنفه في مجال الكهانة والسحر واستخدام الجان قال بمنعه دون تفصيل، ومن صنفه في مجال الإيحاءات والمجالات العلمية والنفسية قال بحليته إذا استخدم فيما هو خير كالعلاج ونحوه، وننقل هنا فتويين يبينان هذا الاختلاط.

الفتوى الأولى: فتوى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 1779 في المجلد الأول (العقيدة) صفحة 399 الطبعة الثانية 1412هـ، السؤال: ما حكم الإسلام في التنويم المغناطيسي وبه تقوى قدرة المنوم على الإيحاء بالمنوم وبالتالي السيطرة عليه وجعله يترك محرماً أو يشفى من مرض عصبي أو يقوم بالعمل الذي يطلب المنوم؟.

تقول فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في دار الإفتاء السعودية عن التنويم المغناطيسي: التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوِّم على المنوَّم فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بسيطرته عليه إن صدق مع المنوم وكان طوعاً له مقابل ما يتقرب به المنوم إليه ويجعل ذلك الجني المنوم طوع إرادة المنوم يقوم بما يطلبه منه من الأعمال بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم، وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقاً أو وسيلة للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو القيام بأي عمل آخر بواسطة المنوم غير جائز، بل هو شرك لما تقدم، ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها الله سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم. انتهى كلام اللجنة.

الفتوى الثانية: (من موقع الإسلام اليوم) العنوان التنويم المغناطيسي في العلاج الطبي، المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد، التصنيف: الطب والصحة، التاريخ 29/7/1426هـ، السؤال: ما حكم التنويم المغناطيسي في العلاج الطبي؟ علماً أن دراسة التنويم المغناطيسي جزء من المنهج الدراسي في الطب، وقد قرأت فتوى أنه حرام، على أساس أنه يتعلق بالجن، وقرأت أيضاً عن هذا العلاج كثيراً، وكله يتركز على أمور نفسية لا علاقة لها بالجن والسحر؟
الجواب: يمكن إيجازه فيما يلي:

1- أن المسمى الصحيح لهذا التنويم هو (التنويم الإيحائي).

2- أن بعض الفتاوى التي صدرت في حكم التنويم المغناطيسي إنما كانت بناءً على ممارسات غير صحيحة، وغير داخلة في مسمى التنويم الإيحائي (المغناطيسي) فالإخبار بالغيبيات واستعمال الجن ينكرها من يمارس هذا النوع من أطباء ومختصين.

3- أن التنويم الإيحائي (المغناطيسي) مجال علمي معروف، ومهمته العلاجية معروفة، وله قواعد وأسس، وتحقق به إنجازات طبية معروفة.

4- أن التنويم الإيحائي يراد منه إقناع المريض بالعلاج الذي كان يرفضه في أحواله الاعتيادية، وكذلك يُراد من هذا التنويم تشكيل قناعة جديدة إيجابية لدى المريض حتى يتجاوز قناعته السلبية.

5- أن هناك ممارسات اختلطت بالتنويم الإيحائي (المغناطيسي) عند الأداء، وهذه الممارسات احتوت على أمور محرمة، فبدا للناس منها أن هذا التنويم محرم، والحرمة إنما جاءت من الممارسات لا من التنويم كما يحصل في (السيرك) من استعمال السحر والشعوذة.

6- أن التنويم الإيحائي باعتباره نوعاً من المعالجة يمكن أن يستخدم في الخير ويمكن أن يستخدم في الشر، فالإقناع بفكرة ما يعتمد على مشروعية هذه الفكرة أو عدم مشروعيتها فإن كانت الفكرة حسنة جازت المعالجة، وإلا فلا. والله أعلم.

فإذا تأملنا هاتين الفتويين عرفنا أن التنويم المغناطيسي يطلق على نوعين من الممارسات يختلف كل منهما عن الآخر اختلافاً كبيراً، وأمكننا - حينئذ - القول إن التنويم المغناطيسي إذا قام على استخدام الجن كان حراماً، ولو كان المراد منه خيراً، ولك أن تراجع في استخدام الجن في الخير الفتوى رقم: 7369.

وإذا كان التنويم المغناطيسي يقوم على الإيحاء والممارسات النفسية كان مباحاً إذا استخدم فيما هو خير، وحراماً إذا استخدم في الشر. والله أعلم.

بقلم: د. محمد السقا عيد
المصدر

التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخيال؟ ج1

التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخيال

لا يخفى على أحد أن التنويم المغناطيسي، قد لعب دوراً هاماً في تاريخ البشرية على يد علماء متخصصين، وإن كان قد دخله كثير من الدجل، أخل به، وأخرجه عن رسالته، وباعد بينه وبين نفعه كعلم، خطا خطوات واسعة ناجحة في علاج كثير من الأمراض النفسية المستعصية التي حار فيها الطب، وتعثر فيها كثير من الأطباء!.


على أنه أتى بعد "فرويد" علماء وأطباء، حملوا الرسالة، وساروا بها واستحدثوا كثيراً من النظريات، إلا أنه أخرجها عن وضعها الذي استحدثت من أجله، الجهلة المشعوذون الذين يمشون في الأسواق، ويأتون «بالبهلوانية» أمام السذج من الناس!


ورغم عدم انتشار هذا اللون من العلاج في العصر الحديث بشكل كبير، إلا أنه مازال يستخدم في بعض المراكز العلاجية.


فبعد مخاض وأخذ ورد أصبح التنويم المغناطيسي حقيقة انتهت باعتراف بريطانيا به 1955 واستخدامه كوسيلة معالجة فعالة في مشافيها المختصة بالمعالجة النفسية، تلتها كثير من الدول كأمريكا وغيرها كلها اعترفت به وأسست له أصولا وفروعا في كلياتها وجامعاتها كعلم وفن لا يجيد إتقانه إلا ممارس موهوب له تجارب ناجحة! تلا ذلك تمدد متنوع لذلك العلم حيث كثرت استخداماته، كمعالجة شمولية لأمراض فسيولوجية وسيكولوجية، إلى برمجيات ذاتية مهارية - تنموية  تفجيرية للطاقات الكامنة، إلى استخدامات جديدة لا تخطر على بال؟.


و يمكن الاستفادة من هذا اللون من العلاج في مجتمعاتنا الإسلامية وتسخير ذلك أيضاً في تقوية الجانب الروحي والنفسي معاً لدى المريض.


ومما يجدر ذكره أن بعض المراجع الغربية تعتبر بعض الشعائر التعبدية عند المسلمين هي نوع من العلاج بالتنويم، وذلك لأن المسلم يتجه بمشاعره أثناء العبادة باتجاه واحد فيقلل ذلك من تأثير المثيرات الخارجية الأخرى عليه.


ورغم الإيمان بصحة تفسير أولئك العلماء بأن المسلم يتجه بمشاعره باتجاه واحد – هذا إذا كان خاشعاً – إلا أن الاستنتاج الذي بَنَوه على ذلك وهو أن ذلك نوع من العلاج بالتنويم إنما جاء بسبب فراغ أرواح كثير من أولئك العلماء من حقيقة الإيمان بالله وعدم تذوقهم للذة الطاعة وارتباط الدين في حس الكثير منهم بالوهم والخيالات، وإلا فالواقع يشهد بغير ذلك.

كما أنه ربما يكون قصد بعضهم تجريد الدين من أي أثر علاجي فعّال بسبب آثاره الروحية، وربط الناس بالآثار والقوى النفسية، وجعل الدين مجرد وسيلة نفسية يمكن الاستغناء عنه بغيره.

ما هو التنويم المغناطيسي أو التنويم الإيحائي:

هو الحالة التي يكون فيها الفرد في وضع يستجيب فيه للإيحاءات الملائمة من خلال حدوث تغيرات في إدراكه الحسي أو ذاكرته أو مزاجه. والتنويم حالة تشبه النوم ولكنها تختلف عنه في قابلية المنوِّم للإيحاء.


وقد صيغت تعاريف كثيرة في هذا الخصوص نختار منها ما يلي:
تعريف Suther Land ،1991، 197 " إنه حالة يكون عليها الفرد مرتخيا نتيجة للتلقين، ويركز انتباهه ويطيع الملقن. وفي بعض الأحيان لا يشعر بالألم ويرفض ذلك الشعور". إن تفسير ظاهرة عدم الشعور بالألم محل خلاف وقد جربتها على عدد من الطلبة المتبرعين فوجدتها فعالة.

تعريف Gleitman ، 1992،A36 " بأنها حالة مؤقتة من النشوة تحت تأثير الإقناع والتلقين للفرد الطبيعي. خلال فترة التنويم يمكن للمنوم أو المعالج النفسي أن يلقن الفرد مما يؤدي إلى مؤثرات عرضية للفرد كصعوبة التنفس أو صعوبة إظهار الكلمات أو المناقشة "

تعريف Myers ،1993،540 " هو نوع من التلقين العالي الذي يدفع الأفراد لتركيز انتباههم على نقطة ضيقة معينة بحيث تكون خبراتهم وخيالهم كأنه حقيقة وواقع ".


والتنويم المغناطيسي أو التنويم الإيحائي هو علم ليس بالجديد، وإنما علم معروف منذ مدة لا تقل عن ثلاثة آلاف سنة، وبالرغم من أن أغلبية الناس يعتبرونه  ضمن الأمور الغامضة، إلا أنه ظاهرة طبيعية محضة.

ويعد التنويم المغناطيسي أحد الأمور التي تثير الجدل، والتي يفقد الكثير من الناس التصور الواضح لها.

هل التنويم المغناطيسي سحر أسود؟

هنالك العديد من الناس لا يفهمون حتى ماهية التنويم المغناطيسي، لذلك وللأسف يعتبرونه كسحر أسود، لكنهم على خطأ، لكون أن التنويم المغناطيسي هو ظاهرة طبيعية، ارتبط بالفعل بالممارسات الروحية سابقا، لكن اليوم انفصل التنويم المغناطيسي كليا عن هذه الممارسات وهو الآن يستند إلى أبحاث علمية سليمة.

هل بالفعل يفقد الشخص المنوم مغناطيسيا السيطرة على نفسه؟

حسنا لكي نكون واضحين أكثر، لن ولن تصل أبدا إلى هذه الحالة عندما تكون تحت تأثير التنويم المغناطيسي، ومن يقول ذالك فهو على خطأ، إذ أن التنويم المغناطيسي يعتبر كحالة من الوعي التي يصبح فيها ارتباطك باللحظة أعمق وأقوى لكنك تدري ما يحدث حولك لا غير.

كيفية التنويم المغناطيسي بطريقة سهلة؟

حينما يريد أخصائي نفساني تنويم أحد مرضاه، وحينما يكون المريض مستعد، يقوم الأخصائي بإدخاله في استرخاء عميق من خلال طلبه منه أن يركز على نقطة عالية ولا يزيل نظره عليها أبدا كمرحلة أولى، بعد ذلك يقوم الشخص بتغميض عينيه ثم يركز على عملية التنفس، ثم بعد ذلك يبدأ الأخصائي في إرخاء كل عضو في الجسم عن طريق استعماله نبرات صوت متغيرة كل واحدة منها خاصة بعضو معين في جسم الإنسان، إلى أن يصل الشخص إلى مرحلة الاسترخاء العميق، والتي يجد فيها نفسه يبتعد بشكل تدريجي عن الواقع، لكن يسمع ويعي ما يدور حوله، هنا يكون التنويم قد قام بمفعوله ويبقى الدور عن الأخصائي.

هل يمكن تنويم أي شخص؟

من الطبيعي أنه لا يمكن تنويم شخص لا يريد أن ينام، لكن يمكن لبعض الأشخاص أن يتأثروا بالتنويم المغناطيسي بكل سهولة مقارنة مع الآخرين. هنا سأذكر لك الأشخاص الذين لا يخضعون  للتأثير المغناطيسي:
• الأطفال تحت سن السادسة.
• الأشخاص تحت تأثير مخدر ما.
• الأشخاص الذين يتناولون أدوية منومة أو مهدئة.

من الذي لا يتأثر بالتنويم المغناطيسي؟

يعتقد الكثير أنه لا يمكن تطبيق التنويم المغناطيسي عليهم، ولكن الواقع يختلف بشكل كبير، وفي ما يلي بعض الإحصاءات.
15% من البشر يستجيبوا للتنويم المغناطيسي بشكل فعال جدا.
• يتأثر الأطفال أكثر من الكبار بالتنويم المغناطيسي.
• يعتبر فقط 10% من البالغين لا يمكن تطبيق التنويم المغناطيسي عليهم.
• يعتبر الأشخاص الذين يمتلكون خيالا واسعا أكثر عرضة من غيرهم للتأثر بالتنويم المغناطيسي.
• كلما كانت وجهة نظر الشخص عن التنويم المغناطيسي إيجابية،  يكون تجاوبه أفضل أثناء التنويم المغناطيسي.

ما هي المعتقدات الخاطئة عن التنويم المغناطيسي؟

يوجد الكثير من الحقائق المزيفة عن التنويم المغناطيسي، ويعود ذلك لاستخدامها من قبل أشخاص غير مسئولين، كما يتم التطرق لموضوعها في الأفلام والمسلسلات بشكل غير منطقي، في ما يلي بعض هذه المعتقدات الخاطئة وتصحيحها.


لا يستطيع الشخص الخاضع للتنويم المغناطيسي أن يتذكر الأحداث التي جرت أثناء وجوده في هذه الحالة، في الواقع أن فقدان الذاكرة نادر جدا ما يحدث أثناء التنويم المغناطيسي.

و في أغلب الأحيان يستطيع الشخص الخاضع للتنويم أن يتذكر جميع التفاصيل التي مر بها، ويبقى بعض الاستثناءات، فقد لا يستطيع الشخص تذكر بعض الأمور التي حدثت قبل وأثناء التنويم المغناطيسي، ولكنها تبقى محدودة ومؤقتة.


يمكن للتنويم المغناطيسي أن يمكن الشخص من تذكر تفاصيل حادثة شاهدها بالكامل.
في الحقيقة أظهرت الدراسات أن التنويم المغناطيسي يعزز الذاكرة لكن ليس بهذا الشكل المبالغ فيه، وكما يمكن للتنويم المغناطيسي أن يشوه بعض الذكريات أو يوجد ذكريات كاذبة.

يمكن أن يطبق التنويم المغناطيسي على الأشخاص دون إرادتهم.
في الواقع من تعريف الأطباء للتنويم المغناطيسي، فانه يحتاج لتعاون ما بين المطبق والخاضع حتى يتم الدخول بهذه الحالة.

يمتلك الشخص المطبق للتنويم المغناطيسي التحكم المطلق بالشخص الخاضع للتنويم.
يعتقد الكثير بأن هذه المقولة صحيحة، إلا أنه لا يمكن للشخص المطبق للتنويم أن يجبر الشخص الخاضع للتنويم على أن يقوم بأي أفعال تخالف مبادئه وأخلاقه.

يمكن للتنويم المغناطيسي أن يجعل الأشخاص رياضيين وأكثر قوة.
مع أن التنويم المغناطيسي يستخدم لتحسين أداء الجسم، إلا أنه غير قادر على أن يزيد من قوة الشخص التي يمتلكها مسبقا، أو حتى أن يجعله رياضيا.

كيف يتم التنويم المغناطيسي؟

إن أول مشهد يتبادر للذهن عند سماع هذا المصطلح، هو صورة شخص شرير يحمل بيده ساعة جيب تتأرجح أمام الضحية، لكن في الحقيقة أن الشخص الذي يقوم بالتنويم يقتصر واجبه على مساعدة الخاضع للتنويم كي يدخل في هذه الحالة، ويطلق على هذه الحالة أنها مشابهه للنوم الطبيعي أو تركيز الانتباه أو زيادة التأثر بالإيحاء.

ماذا ينتج عن التنويم المغناطيسي؟

يختلف الآثار الناتجة عن التنويم المغناطيسي من شخص لأخر، فقد يشعر البعض بحالة من الاسترخاء الشديد والانعزال، وكما يمكن أن يشعر آخرون بأن الأحداث تجري خارجة عن إرادتهم ووعيهم، بينما يبقى البعض في حالة يقظة تامة ويمكن لهم أن يجروا حديث مع من حولهم، وكتجربة لإظهار أن الشخص الخاضع للتنويم المغناطيسي ينخفض شعوره بالألم، تم وضع يد أحد المتطوعين في الماء المثلج، ولم يقم بإخراجها إلا بعد عدة دقائق، بينما لا يستطيع أي شخص خارج حالة التنويم المغناطيسي أن يبقي يده لأكثر من ثواني معدودة.

بقلم: د. محمد السقا عيد
المصدر

التنويم بالإيحاء من أقوى التقنيات العلاجية في وقتنا الحاضر. تعلم معنا طرق وتقنيات إتقانه

عن المدون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :




مجلة التنويم بالعربي - العدد الثاني

«إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكم...

إشترك على صفحتنا

المواضيع الأكثر قراءة