باقى من الوقت

تأثير التصورات الذهنية في إنتاج السلوكيات المختلفة

تأثير التصورات الذهنية في إنتاج السلوكيات المختلفة

الحقيقة أن وراء سلوكياتنا المختلفة وردود أفعالنا، عاملٌ أساسي حاسم ألا وهو، الحالة العصب -فسيولوجية التي نكون عليها في تلك اللحظة التي نقوم فيها بفعل او رد فعل، كائنا ما كان نوع وحجم هذا الفعل أو ذاك الرد فعل.


ما هي الحالة العصب -فسيولوجية ؟

هي محصلة أوضاعنا السيكولوجية، الشعورية، الذهنية والجسدية أيضا، بمعنى كيف هي حالتنا النفسية في هذه اللحظة، ما هي المشاعر التي تتدفق في الداخل، ما هي الأفكار التي نفكرها في هذه اللحظة، كيف هو وضعنا الجسدي، هل نحن أصحاء، مرضى ...الخ.


هذه المحصلة المركبة المعقدة للغاية، كيف تتشكل في الأساس ؟ وما هي المحاور الرئيسية التي تشكل مادتها الاصلية ؟
إنها ببساطة منظومة التصورات الذهنية، ما نحمل من تصورات في هذه اللحظة أو تلك عن أنفسنا وعن العالم والآخرين وحركة الحياة.


حسنا ...لننسى إذن حالتنا العصبية - الفسيولوجية العامة في هذه اللحظة أو تلك ولنركز الإنتباه على التصورات، لأنها هي العامل الأساس الحاسم في خلق حالتنا هذه.
طبعا لا أريد أن أبسط الأمر بحيث أقصره على التصورات حسب، لكن أقول حسب أن التصورات هي العامل الأول، أما الثاني فهو العامل الفسيولوجي ذاته، ولو تسنى لي أن أسيطر على العامل الفسيولوجي لحصلت على ذات النتيجة، أي لأمكن لي أن أنتج حالة عصب -فسيولوجية إيجابية. لكن مبحثنا هنا هو عن التصورات، أي الجانب العقلي او العصبي من ثنائية الأعصاب والفسيولوجيا.

ما هو التصور

ما هو التصور ؟

عملية التصور عزيزي القاريء هي عملية ذهنية تتحقق في الدماغ باستمرار وينتج عنها هذه الصور التي يحفل بها الذهن دوما وتكون إما بشكل صورة الفبائية ( كلمات ) أوفيدوية ( صور متحركة أو ساكنة ) أو حتى روائح أو نكهات أو أحاسيس ملموسة ذات وزن وكثافة ذهنية متخيلة.


وتلك الصور تنتج مشاعر وأحاسيس إيجابية أو سلبية، وتلك المشاعر والأحاسيس تؤدي بدورها إلى سلوك معين، يتناسب غالبا مع نوع تلك المشاعر والأحاسيس التي هي بدورها مماثلة غالبا للصور المنتجة.
طيب من أين تأتي هذه الصور ؟ ولماذا تكون بهذا الشكل أو ذاك، بمعنى سلبية أو إيجابية ؟
الصور في الحقيقة إنطباعات حسية منعكسة من أدوات الحس المختلفة، السمع - البصر - اللمس - الشم - التذوق - أو صور حدسية ( من الحاسة السادسة ).


في الغالب تلعب الحواس الأولى والثانية والثالثة الدور الأكبر في إعادة إنتاج الصورة الذهنية، لأن لديها القدرة الأكبر على أن تستقر في الذهن بعمق ثم تعود لتنعكس مجددا ( ولو بعد حين ) بشكل صورة ذهنية متجددة مؤلمة أو مفرحة.
مشهدٌ ما نعيشه أو نراه أو نسمعه أو نلمسه، ينعكس على الدماغ بهذه الدرجة أو تلك من القوة، ليعود فيخلق صورة متكررة من ذات المشاعر التي عشناها لحظة حدوث الحدث، مفرحة كانت أو محزنة، بالنتيجة وكما في المرة الأولى إذ قمنا برد فعل شعوري داخلي ( إستياء أو حزن أو فرح ) ومن ثم رد فعل سلوكي من قبيل ( إمساك يد المقابل أو الطبطبة على كتفه أو إحتضانه تعبيرا عن شعور الرضا والسعادة، أو العكس أن نمد اليد إلى حجر لضرب المقابل أو أن نلكمه أو على الأقل نغادر المكان الذي عشنا فيه تجربة الأساءة )، كذلك تصيبنا غالبا ذات المشاعر كلما تكررت الصور الإنطباعية الذهنية التي إختزنت في الدماغ، وغالبا نقوم بذات رد الفعل ( هذا إذا كان من أساء لنا أو أسعدنا موجود في المكان في لحظة تكرر الصورة الإنطباعية ).


حسنا ...هل إن هذا قدرٌ لا مفر منه ؟ أليس هناك من سبيل لعقلنة المشاعر أو السيطرة على الصور ؟
بالتأكيد ليس هذا قدرٌ لا مفر منه، وقطعا هناك سبيل لعقلنة المشاعر وضبط تدفق الصور والسيطرة عليها وبالتالي السيطرة على السلوك المنتج، ولولا تلك القدرة أو مجمل القدرات لوجدت الناس حتى يومنا هذا وفي كل مكان من هذا العالم لا يفعلون شيئا إلا أن يقتلوا بعضهم البعض في متواليات الثأر الذي لا ينتهي ...!


كيف نسيطر على تدفق الصور وبالتالي المشاعر الملازمة لها ؟

مما نعرفه نحن جميعا أن لدى أدمغتنا قدرة عجيبة على تخزين الصور الحسية، لكن بذات الآن فإنها لا تخزن كل شيء وإلا لأصبنا بالجنون لفرط ما نختزن في أدمغتنا من صور. يقوم الدماغ بعملية ترشيح للصور بحيث يختزنها على قدر إهتمامنا نحن ذواتنا بها، فما لا نمنحه الإهتمام في لحظته أو ما لا نكون منتبهين له بالكامل، لا يقوم الدماغ بتخزينه أو أن لا يمنحه مكانا لائقا مناسبا، بل غالبا ما يدسه في زوايا معتمة وعميقة من طبقاته، بحيث قد يظهر مجددا إلى السطح في زمن بعيد قادم.

كيف نسيطر على تدفق الصور

العامل الحاسم في تخزين الصورة هو أهميتها بالنسبة لنا، وهذه الأهمية يمنحها إياها الوعي أو الإنتباه، وهذا الإنتباه يتجلى بحجم الكثافة الحسية التي نوليها نحن للصورة وكم الحواس ورهافتها لحظة تسجيل الصورة، فمثلا لو إنك شاهدت على سبيل المثال منظرا جميلا أو وجها حسنا، وأشتركت في لحظة المشاهدة عدة حواس كالبصر والشم والسمع وربما اللمس، هنا ترسخت الصورة في ذهنك بقوة ولدرجة لا يمكن أن تنسى أو تضمحل بعد عام أو أثنين أو عشرة، لكن كلما قل عدد الحواس المشتركة في تسجيل الإنطباع، قل بالتأكيد وضوح الصورة في الذهن، وبالتالي فإن من اليسير إقصائها وبشكل أوتوماتيكي، لأن الشعور المنتج لحظة رؤية المشهد يعتمد على كثافة الحواس المشتركة في تحسسه وتسجيله.


طيب ...ما علاقة هذا بضبط الصور ومنع تدفقها أو تقليل فترات تواردها أو تحطيم بنيتها الشعورية المرافقة ؟ ببساطة ...بإعتماد ذات الآلية التي ترسخت فيها الصور، يمكن أن ننزع الصور من الذهن أو نضبط إيقاعها ...!

كيف ...؟ حسنا ...أنت تعاني مثلا منذ شهر أو شهرين أو عام ربما من شعور بالمرارة لخسارة خسرتها، ولتكن صفقة تجارية أو شهادة دراسية لم تنجح في نيلها أو ربما حبيب تخلى عنك وتوجه صوب آخر لديه حسب ظنه ( أو وهمه ) ما ليس لديك ...! معاناتك هذه قاسية، تتمثل في توارد ذات الصور لعشرات المشاهد السلبية التي تعكس بالألوان وبالكلمات وأقوال الآخرين و.....و....الخ، تعكس حجم هزيمتك أو خسارتك.

تلجأ إلى الخمر أو السجائر أو تندلق في حب هذا أو ذاك أو ربما تمارس أنشطة هروبية عديدة أخرى لنسيان الهزيمة وتخفيف المرارة، ولكنك لا تستطيع لأن الصور لا تكف عن الورود إلى ذهنك في تدفق مستمر.


ما العمل ...؟ العمل عزيزي القاريء هو أن لا تهرب من الصورة، بل تقبلها ....تقبل تدفق الصور، ثم إعمد إلى التلاعب بها، لا تبالي بمادتها ( أي محتوى الصورة ) بل إهتم بتركيبة الصورة، شكل الصورة العامة، حجم الإضاءة وقوى الصوت وملمس جسم الصورة وأطارها.

هنا تستطيع أن تنسف الصورة من الأساس، دون أن تلمس بارودها الداخلي. الصورة الذهنية عزيزي القاريء، وخصوصا السلبية منها، هي تماما مثل كيس القمامة ...! هل من المجدي أن نفتح الكيس ونمد أيدينا لنتلمس هذا الموجود فيه ..؟ قطعا لا، وإلا ما الجدوى من تلويث أصابعنا بالعظام وبقايا الطعام، بل وربما أشياء أخرى أكثر قذارة من كل هذا ؟

حسنا ...قلنا ...تقبل الصورة كما هي مبدئيا، بكل ضجيج الأصوات في المشهد، وبكل وهج الألوان وحرارة أجساد أبطال الصورة ونكهات الأطعمة والروائح في هذا المشهد أو ذاك ( ربما نكهة العطر الذي كانت تستعمله الحبيبة الخائنة أو ألوان ثوبها ...الخ ). ثم قم بالتلاعب كما أسلفنا بالمشهد الحسي الذهني الذي أمامك ؟


كيف ..؟؟؟؟

أولاً : قم بتصغير الصورة الذهنية تدريجيا وبشكل عمدي ( بقوة الإرادة )، وكلما وردت مجددا قم بتصغيرها تدريجيا لغاية ما تراها وهي تختفي في أفق الذهن.

ثانيا : قم بإكساءها بأثواب شاحبة اللون، مثلا صورة الحبيبة الخائنة وهي ترتدي ثوب أحمر على سبيل المثال، قم بإكسائها ذهنيا ثوبا أسود أو رمادي، مشهد الغرفة مثلا أو قاعة الدرس التي فشلت في نيل شهادتك منها، قم بإكساء جدرانها باللون الأسود، ثم قم بتصغيرها حتى تغدو وكأنها بحجم علبة الكبريت.

ثالثا : أطفيء الإنارة في الصورة ...لا تترك لها أي إنارة، عتمها بالكامل وبشكل متعمد، بحيث كلما وردت الصورة مجددا، وجدتك تلقائيا تصغرها وتزيح منها الألوان ثم تعتمها تماما، مجمل هذا يؤدي إلى أن المشاعر المرافقة للصورة تبدأ بالإنكماش وتتحول إلى مشاعر محايدة، وبهذا تدنو من ضفاف النسيان والشفاء من المرارة والحزن والشعور بالخسارة.

رابعا : إفعل ذات الشيء مع الأصوات التي ترد في الصورة الذهنية، لنفترض مثلا أن كلمات شخص ما في المشهد تأتيك غاضبة قاسية جدا بنبرة حادة، فتفعل فعلها في مشاعرك إذ يفيض فيك الشعور بالغضب والرغبة بالثأر وأنت تسترجع كلمات هذا الآخر، طيب ماذا لو أنك كتمت الصوت تماما كما تفعل مع جهاز التسجيل أو التلفاز لديك، تخيل أنك تستطيع أن توقف الصوت، بينما أنت ترى الصورة وتسمع صوت الآخر، أنظر لنفسك وأنت تنهض من مقعدك في صالة العرض لتوقف الصوت ثم تعود وتجلس، تصور هذا، أؤمن به، قل لنفسك هذه مجرد صور لا سلطة لها علي ولا وجود لها على الأرض الآن، أنا حر في أن ألعب بها كما أشاء، لماذا أسمح لها أن تسيطر علي، دع المشهد يجري بحرية، لا بأس لا تمنعه من التدفق، إنما إلعب به بأن تخفض الصوت أو توقفه بالكامل، أنظر للآخر وهو يشتمك مثلا وفمه يتدفق بالكلمات ولكن بلا صوت، إستمتع بهذا المنظر، إستمتع بعدوك مثلا وهو يصرخ ولا صوت يخرج من فمه.

أو إلعب بصوت الآخر بشكل ساخر، مثلا أن تعطيه صوت أنثوي إن كان ذكرا أو صوت ذكوري إن كان أنثى، ودعه يصرخ بهذا الصوت الجديد الأنثوي أو الذكري، أو قم بتغيير نغمة الصوت أو إيقاعه كأن تجعله مثلا يشتمك بذات الكلمات إنما برقة ومع إبتسامة لا تناسب حرارة الموقف، وأترك لنفسك فرصة السخرية من هذه الشتائم التي تتدفق بصوت رقيق وموسيقي، جميع هذا سيفعل فعله في مشاعرك إذ سيطفئ نار الغضب أو الشعور بالمرارة.

ذات الأمر مع بقية الحواس عزيزي القاريء، حاسة الشم أو اللمس أو غيرها. طبعا هناك ما لا يعد من الإجراءات والحيل الذكية التي بمقدورنا أن نفعلها مع حواسنا ومشاعرنا الحسية، مما يضعف من تأثيرها أو يقضي عليها بالكامل وفي فترة لا تتجاوز الثواني، بدلا من أن نظل نعاني لأيام أو أشهر او سنين ربما.

مثلا ...يمكنك أن تسخر من الصورة التي تظهر أمامك، فمثلا تضع لعدوك أو منافسك قرون على رأسه وتتركه يشتم ويشتم ويلعن وهو غير منتبه إلى تلك القرون التي وضعتها على رأسه، أو بأمكانك مثلا أن تتخيل تلك الحبيبة التي خذلتك وهي تمشي مع حبيبها الجديد دون أن تكون منتبهه إلى هذا الذيل الخارج من مؤخرتها، إستمتع بالمشهد لوحدك وتلاعب فيه كما تشاء وبتنويعات عديدة جدا، حتى تنطفيء بالكامل مشاعر الخوف أو الغيرة أو الكراهية أو المرارة.


حذار عزيزي القاريء من مشاعر الإنتقام لأنها مؤذية لك أنت ذاتك، لذلك نصحت في هذا الباب بإعتماد السخرية مثلا لأنها أهون من الكراهية الحقيقية الجادة لأن تلك ستنعكس عليك أنت ذاتك وستفسد حياتك القادمة. حسنا ...قلنا ...تصغير الصورة، إطفاء الإنارة، إيقاف الصوت، تحويل المشهد إلى الأبيض والأسود وأخيرا السخرية من الصورة، بحيث يتحول المشهد من تراجيدي أو درامي إلى كوميدي، جميع هذا هو أدواتك أنت أيها المخرج المبدع لشريطه السينمائي الشخصي.

طيب ماذا بشأن المشهد الإيجابي الذي نريد له أن يعيش زمنا أطول ؟

طيب ماذا بشأن المشهد الإيجابي الذي نريد له أن يعيش زمنا أطول ؟

لا أشك في أنك عزيزي القاريء تعرف الجواب ولا أظنني ملزم بالتكرار الملل، ستفعل العكس ...أليس كذلك ..؟
نعم ستفعل العكس، ستعيد إنتاج المشهد الحسي وإغناءه بإشراك الحواس المتخيلة، بمعنى أن تتخيل تفاصيل جديدة للمشهد لم تكن موجودة فيه ذاته، ستشرك حواسك بقوة الخيال في عملية تحسس المشهد، لا بأس بأن تذهب إلى المكان الذي حصل فيه المشهد ذاته لتعيد إنتاجه واقعيا في الأستديو ذاته الذي حصل فيه، لا بأس أيضا في أن تمنحه إنارة أكبر في خيالك، تمنحه ألوان أكثر بهجة، ترفع من درجة الصوت أو تغير النبرة التي ورد فيها الصوت ذاته، بشكل عام تعيد إنتاج الفيلم الحقيقي أو الحدث الحقيقي بنسخة جديدة أكثر جمالا من الحقيقية ذاتها، بالنتيجة ستزداد قوة لمعان وكثافة حضور المشهد في خيالك فينعكس بالتالي على مشاعرك ذاتها، إذ سينتج مشاعر إيجابية بناءة تهبك السعادة والقوة والثقة والحب لذاتك وللحياة عامة، وبالنتيجة سيظهر منك عزيزي القاريء سلوكا إيجابيا يحقق لك النجاح والتفوق والسعادة والتقدم الحقيقي.


بذات الآن فإن التغيير الذي يصيب الجانب العصبي فينا، يلعب دورا كبيرا في تغيير الجانب الفسيولوجي، فتكتمل بالتالي العافية العصب - فسيولوجية، أو العكس أي تتدهور حسب نمط التغيير العصبي، فمثلا إذا نجحنا في السيطرة على التصورات السلبية وقمنا بعملية القلب ( قلب الصورة إلى صورة ساخرة مثلا ) أو تخفيض درجة ترددها، إنعكس هذا بدوره على فسيولوجيا الجسم فتحسنت صحتنا وزاد نشاطنا وتحسن تدفق الهرمونات الإيجابية وأنتظمت دقات القلب وبالنتيجة أمكن لنا أن ننتج سلوكا متزنا إيجابيا خلاقا.

والعكس صحيح ....!
ذات الأمر يمكن أن نفعله عزيزي القاريء مع الفسيولوجيا، إذ لو أمكن لنا أن نضبط إيقاع الجسم أمكن لنا أن نغير التصورات وهذا موضوع آخر يمكن أن أتركه لمقال آخر، إنما يكفينا الآن أننا أستعرضنا الجانب العصبي وكيف يمكن أن نتحكم بالعقل ونتلاعب بالصور .


حسنا ....هل تظن عزيزي القاريء أن هذا الذي أقترحته صعب المنال ؟
في الواقع ...يمكن أن يكون صعبا في البداية، وبالذات لحظة الحدث أو في ساعته الأولى من قبيل حدوث فاجعة أو خيبة فجائية كبيرة غير متوقعة، هذا صحيح ولا بأس في ذلك، لكن بعد ساعة مثلا من حدوث الحدث، ماذا لو بادرنا إلى تلك التقنيات الذكية ...؟
ما نحتاجه عزيزي القاريء هو أولا وثانيا وثالثا أن نؤمن بأن هذا الذي نقوله هنا صحيح، بل صحيح جدا، أؤمن بهذا، أؤمن بأن السلوك هو نتاج المنظومة الفسيو-عصبية في هذه اللحظة أو تلك، أؤمن أنك تعيس أو سعيد لأن لديك صور مأساوية أو مفرحة تدور بإلحاح في ذهنك، أؤمن بإنك إن سيطرت على تلك الصور أمكن لك أن تنال الحالة النفسية التي ترغبها وبالتالي أمكن لك أن تسلك السلوك الإيجابي الذي يمكن أن يوصلك إلى شيء ما.


أتعرف عزيزي القاريء لماذا يستطيع فقراء الهنود أن يمشون على النار أو يدخلون السيخ المحمي في أفواههم ...؟
إنهم يمارسون هذا الشيء الذي نقوله هنا، إنهم يمتلكون تصورات لا نملكها نحن عن النار أو الألم أو الحرارة، وهذه التصورات الغريبة هي التي تؤثر في فسيولوجيا الجسم فلا ينفعل للنار أو الألم.

طبعا لا نأمل أن نقفز إلى هذا المستوى في مثل هذه العجالة، ولكن يكفينا ما يفيدنا الآن وهو أن نغير كثافة الصور اليومية البشعة لكي ما يتسنى لنا أن نسلك سلوكا يمكن أن يصل بنا إلى مستوى من العيش يتجاوز حدود قفص كلب بافلوف أو فئران المختبرات.


بقلم: كامل السعدون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا مسبقا على إبداء رأيك ونشره في التعليقات
وشكرا أيضا على مشاركتك الموضوع مع أصدقائك

التنويم بالإيحاء من أقوى التقنيات العلاجية في وقتنا الحاضر. تعلم معنا طرق وتقنيات إتقانه

عن المدون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :




مجلة التنويم بالعربي - العدد الثاني

«إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكم...

إشترك على صفحتنا

المواضيع الأكثر قراءة