باقى من الوقت

كيف تستعمل التنويم الإيحائي مع ذاتك

كيف تستعمل التنويم الإيحائي مع ذاتك

قبل أن تسعى لممارسة التنويم الإيحائي مع ذاتك ، يجب أن تقرر بينك وبين نفسك ما الذي تريد أن تكتشفه من أغوارك الداخلية أو تغيره في ذاتك، قبل أن ترحل إلى عالم العقل الباطن …!

يجب أن تكون دقيقاً مع نفسك وواضحاً ويكون لديك هدفٌ واحد أو مسألة واحدة تود معرفة حلّها أو الإلمام بتفاصيلها، لا عشرة أهداف أو حتى أثنين، لأنك قد تتورط في خلق المزيد من المتاعب دون أن تحلّ ولا واحدة من تلك العشرة.


الأمر الثاني ، يجب أن تكون الإيحاءات المستعملة والتي يراد غرسها في العقل الباطن :

1- إيجابية ومفيدة : بالتأكيد ستقول طبعاً وهل أريد أن أوحي لنفسي بالشر أو الأذى، لا طبعاً ليس هذا ما قصدنا ولكن أن تصاغ بشكل إيجابي وحازم ولا مجال فيها للتأجيل ولا ينبغي أن تذكر في النص أي عبارة توحي بالسلب من قبيل " سأتعلم السباحة مهما كنت خائفاً "، مثل هذا الإيحاء سلط الضوء المكثف على كلمة " خوف " حتى وإن سبقتها كلمة " مهما " لأن كلمات من قبيل : مهما أو لكن أو ربما أو لعل أو سوف أو ( س )، كلمات لا يفهمها العقل الباطن لأنها لا تملك صوراً معينة تترافق معها، فلو إنك قلت " يسعدني أن أتعلم السباحة " كلمة يسعدني تحمل كماً من صور السعادة، لكن كلمة، مهما أو لعل أو ربما، لا تحمل صورة وبالتالي سيقفز العقل الباطن عليها ليسلط ضوءه على ما ورائها وهو كلمة خائفاً.

وبالتالي فكأنك تقول :
سأتعلم السباحة كنت خائفاً ( بدون مهما ) وساعتها لن تتعلم السباحة أو حتى ربما تغرق لأنك وضعت كلمة الخوف في صميم الإيحاء. كذلك استعمال كلمات التأجيل من قبيل س ، سوف ، ربما ، كلها تدفع العقل الباطن لأن يقول : لا هذا الرجل لا يريد شيئاً محدداً بالضبط فلِم أتعب نفسي وأجهد من أجل أن أستنبت إيحائياً هوائياً عائماً …!!

إذن ليكن إيحائك لنفسك شبيه بالآتي : يسعدني أن أتعلم السباحة أو أريد أن أتعلم السباحة …!

حتى لو قفز العقل الباطن على كلمة أريد أو يسعدني فبالنتيجة تبقى كلمة تعلم السباحة وهذا هو الأمر الذي سيصدره العقل الباطن إلى المخ ومن ثم إلى الكيان كله وإلى الخارج ( الكون الذكي )، بأنك تريد كذا ويجب أن يكون لك هذا الذي تريده …!

يجب أن يكون الإيحاء قصيراً ومباشراً

2- يجب أن يكون الإيحاء قصيراً ومباشراً ولا يحمل أكثر من معنى أو أكثر من احتمال، لأننا لا نريد أن نتسلى أو ( نسفسط ) أو نلعب لعبة ذهنية، بل نملك ضرورة ونريد تحقيق هدف محدد ومعين بدقة.

خذ هذه الإيحاءات مثلاً :

" أنا واثق من نفسي وأملك قوة داخلية هائلة "
" أنا أملك شخصية رائعة "
" أنا أكره التدخين "
" التدخين مدمر للصحة "
" أنا محب للمعرفة "
" أنا امرأة جميلة "
" أنا رجلٌ ناجح "
الخ …الخ …!


هذه الإيحاءات وإن بدت بعضها إستراتيجية وتحتاج ربما لمرات ومرات عديدة من التأكيد وممارسة التنويم حتى ترسخ في العقل الباطن، ولكنها كما ترى مباشرة ودقيقة وقصيرة وإيجابية وهادفة ولا تضر أحداً لا القائل ولا محيطه الأسري أو الاجتماعي.


3- سهلةٌ على الحفظ والتذكر : من المهم عزيزي القارئ أن تكون الجمل سهلة وقابلة للحفظ والاستذكار والاستنبات لاحقاً في العقل الباطن، فكما إن المزارع لا يذهب إلى الحقل ببذور لا يعرف محتواها، فكذلك من يذهب إلى العقل الباطن، ينبغي أن يذهب ببذورٍ يعرف ما تحتوي، وتلك لا تكون معروفة إن لم يكن لها جسم لغوي واضح ومحدد مثل هذا القول : " أنا امرأة جميلةْ "، حيث كل الكلمات مترابطة متماسكة تملك صوراً شخصية، أنا ( تلك الكينونة المعروفة ) ( امرأة – هذا الجنس الذي أملك ) ( جميلة – تلك الخصلة الرائعة التي لها صورة محددة في ذهني، وأرى إني أملكها بالتأكيد أو أريد أن أؤكد امتلاكي لها لكي ما تشرق وتتأكد في الخارج ).


حسناً …بعد أن صغت الإيحاء الذي تريده ( ويجب أن يكون واحد في المرة الواحدة )، قم بتدوينه على الورق، ثم قم بتدوين الأسباب التي تدعوك لتحقيق هذا الهدف أو تأكيد هذه الخصلة : لماذا أريد أن أتوقف عن التدخين، أو لماذا أريد أن أؤكد أني وسيم أو محب للمعرفة أو إني امرأة جميلة.

دون كل ما تعرف من مبررات للاعتقاد بأنك هكذا أو تريد كذا، على سبيل المثال، فتاةٌ تملك جمالاً متواضعاً يمكن أن يرتقي إلى مستويات عالية فيما لو أنها آمنت به، لكنها لا تملك للأسف وهي في حالة الوعي اليومي العادي، أن تؤمن به لأن ذهنها مشغول بأكثر من شيء ولأن نظرات الناس لا توحي لها بأنها جميلة أو لأن أهلها أو ظروف الماضي وإحاطاته قتلت في داخلها الإحساس بالجمال والتألق.

حسناً …ما لا تستطيع أن تؤكده وهي في حالة الوعي اليومي، يمكن أن تؤكده وتؤمن به وتحققه في حالة التنويم الإيحائي الذاتي، وإذن فالذي تحتاجه قبل الدخول في حالة التنويم هو أن تعرف لماذا تريد أن تكون جميلة أو أن يشرق هذا الجمال الذي في داخلها :

1- لأن الجمال يمنحها ثقة أكبر بالذات.
2- لأن الجمال يمكن أن يحسن فرصها في الحب والحياة عامة.

أو لنأخذ مسألة الرغبة في الكفّ عن التدخين :

1- لأنني أشعر بضعف الشهية للطعام .
2- لأن صحتي تدهورت.
3- لأن رائحته كريهة.
4- لأن …الخ …الخ.


مع كل إيحاء تنتقيه عليك أن تدون أكبر قدر من المبررات لهذا الذي لا تريده له أن يستمر لديك ( كالتدخين مثلاً )، أو هذا الذي تريد أن تناله من مكاسب من وراء الوصول إلى هدفك ( كال جمال أو المال )، دون كل شيء وبعناية وتأمل هذا الذي تكتبه ولا تستغرق في التفاصيل السلبية لأنها لن تنفعك، لا تقل مثلاً ومن أين لي أن أكون وسيماً والناس لا ينظرون لي بنظرة إعجاب، أو كيف أقطع التدخين وأنا الذي دخنت لأكثر من نصف عمري …لا... لا تهتم لردود الأفعال السلبية، بل ركز على الإيجابيات التي ستنالها فيما لو أنك نجحت في الوصول إلى الهدف، وقل لنفسك بذات الآن طيب وما الذي أخسره إن آمنت بغير هذا الكريه أو الخطأ الذي آمنت به طوال حياتي، ماذا أخسر …!


تحضيرات ما قبل الممارسة :

أختر الوقت والمكان الذي لا تكون فيه مرتبط بموعد أو على مقربة من الآخرين بحيث يمكن أن يفرضوا وجودهم عليك ويقطعوا خلوتك، أرفع سماعة التلفون، أجعل الأجواء عندك مريحة جداً لمثل هكذا خلوة. الأن إما أن تستلقي على سريرك بشكلٍ مريح وذراعيك إلى الجانبين بشكلٍ طوليٍ مع جذعك أو أن تجلس على كرسيٍ مستقيم الظهر وتلقي بيديك على أذرع الكرسي وتكون قدميك ملامستين للأرض.

ركز انتباهك وبصرك على شكلٍ ما في الجدار أو نقطة ما في السقف بحيث تكون متميزة ولها شكل معين، كمصباح مطفأ أو رسم على الجدار أو السقف أو ذراع مروحة سقفية أو حتى بقعة سوداء صغيرة أو أي شيء.

يفضل أن تكون النقطة التي تركز عليها فوق مستوى النظر أي ليس متعامدة مع أفق النظر، ثم قم بالتنفس بعمق لخمس مرات وفي كل مرة تخرج فيها الهواء قل لنفسك : أسترخي … تحسس كيف أن التوتر يغادر جسمك وعقلك وأنك تشرع فعلاً بحالة لذيذة من الاسترخاء …تحسس هذه الحالة وأنتبه لها وأستشعرها … أغلق عينيك الآن وركز سمعك على خمسة أصوات مختلفة تأتيك من الخارج أو مما حولك …صوت تكتكة الساعة …صوت المروحة …صوت سيارات في الخارج …صوت الريح أو حفيف الأشجار في الحديقة …الخ .

عقب ذلك تنبه إلى خمسة أشياء تشعر بها في هذه اللحظة مثلاً :

1- وزنك أو ثقل جسمك وهو متهالك على الكرسي أو السرير.
2- حرارة جسمك.
3- حركة صدرك في أثناء التنفس.
4- احتكاك ملابسك وهي تلتصق بجسمك.

أنتبه لأي شيء يمكن لحاسة الحس أن تشعره في هذه اللحظة.

نزول الدرج

أنت الآن عزيزي القارئ في حالة استرخاء عميقٍ للغاية ويمكن لك أن تهبط في هذه اللحظة إلى جنة العقل الباطن أو بستانه العامر، أبدأ بتخيل نفسك وأنت تهبط سلماً من عشر درجات، تصور نفسك بأقصى ما يمكن لخيالك أن ينجح في تصوره، تصور نفسك وأنت تهبط عابراً غشاءٍ رقيقاً من الغيوم أو الدخان الملون الكثيف الجميل، مدّ ذراعيك إلى الأمام وكأنك فعلاً تمشي وتريد أن تتبين طريقك وسط تلك الغيوم الكثيفة أو الدخان الملون، مع كل خطوة تنزلها، تحسس كم أنك تسترخي أكثر وأكثر، عند الدرجة السابعة من درجات السلّم، ستجدك تتخلص من كل متاعبك ومخاوفك وتتركها ورائك، عند الدرجة السادسة سيغيب العقل المشكك الناقد، عند الدرجة الخامسة ستتحرر ذاتك الحقيقية، عند الدرجة اخامسة تلج في مركز الغيمة الكثيفة، عند الدرجة الرابعة ستشعر بنفسك وأنت في صميم الغيوم الكثيفة الجميلة، عند الدرجة الثالثة تشعر بأنك في غاية الهدوء والرضا والطمأنينة، عند الدرجة الثانية تخرج من الغيوم إلى ضوء الشمس الدافئ اللذيذ، في الدرجة الأخيرة تهبط إلى الحديقة الجميلة الخضراء الغنية بالألوان والأزهار والروائح العطرة المختلفة.


أنت الآن عزيزي القارئ في حالة استرخاء تام وعميق جداً ، وهنا تكون فرصتك لأن تعيد على نفسك هذا الإيحاء الذي قلته سواء كان رغبة أم هدف أم أمنية أم مشكلة تريد طرحها على العقل الباطن وتنتظر منه الجواب عليها.


أعد الإيحاء ثلاث مرات، مع استراحة قصيرة بين كل مرةٍ وأخرى، عقب ذلك يمكن أن تسقط في نوم عميق أو أن تعود إلى الوعي من خلال العهد العكسي وارتقاء السلم صوب الوعي اليومي العادي، إستعمل الخيال وتخيل نفسك عند الدرجة الأولى وأنت تخرج من الحديقة ثم الثانية والثالثة و…وصولاً إلى الدرجة رقم عشرة التي هبطت منها أول مرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا مسبقا على إبداء رأيك ونشره في التعليقات
وشكرا أيضا على مشاركتك الموضوع مع أصدقائك

التنويم بالإيحاء من أقوى التقنيات العلاجية في وقتنا الحاضر. تعلم معنا طرق وتقنيات إتقانه

عن المدون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :




مجلة التنويم بالعربي - العدد الثاني

«إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكم...

إشترك على صفحتنا

المواضيع الأكثر قراءة